للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولقد وصف القاسم بن عبد الرحمن ذلك القسم الذي يطلب حسنة الدنيا والآخرة، فقال: من أعطى قلبا شاكرا، ولسانا ذاكرا، وجسدا صابرا، فقد أوتي في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، ووقي عذاب النار.

ولقد كان أكثر دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " (١).

ولم يذكر قسم ثالث وهو الذي يطلب الآخرة فقط، ولا يطلب الدنيا؛ لأن الإسلام لَا يرضى أن ينسى المسلم حظه من الدنيا؛ ولأن من يطلب الآخرة يطلب الأعمال الحسنة في الدنيا؛ لأنها قنطرة الآخرة، ولأن الإسلام لَا يقر الانقطاع عن طيبات الدنيا لحظ الآخرة لأنه لَا يرضى بتعذيب الجسم لتهذيب الروح كما يزعم الذين يسلكون ذلك المسلك.

ولقد روى البخاري ومسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عاد رجلا من المسلمين صار مثل الفرخ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " هل تدعو الله بشيء أو تسأله إياه؟ " قال: نعم كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " سبحان الله!! لَا تطيقه، أفلا قلت: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " (٢).


(١) متفق عليه رواه البخاري: كتاب الدعوات (٥٩١٠) ومسلم: الذكر والدعاء (٤٨٥٥) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
(٢) رواه بهذا اللفظ مسلم: الذكر والدعاء (٤٨٥٣) وقال في آخره: فدعا الله له فشفاه. والترمذي: الدعوات (٢٤٠٩) وأحمد (١١٦٠٧) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>