للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعبر عن بطلان أعمال المرتدين بقوله تعالى: (حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ)، وأصل الحبْط من الحبط وهو أن تأكل الدابة أكلا حتى تنتفخ بطنها، فلا تنتفع بما أكلت ويفسد حالها، وكذلك الأعمال التي يحبطها الله يكون فسادها من صاحبها وتكون ضررا له وقد كان الأصل أن تكون خيرا.

العقوبة الثانية: ملازمة النار في الآخرة والخلود، ولذا قال سبحانه: (وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) أن هذا التعبير فيه تأكيد نزول العذاب بهم من ثلاثة وجوه:

أولها - الإشارة إلى سببه، فإن الإشارة في قوله سبحانه: (أُوْلَئِكَ) إلى هؤلاء الذين يرتدون باضطراب قلوبهم وفساد خلقهم، وذكر السبب مع الحكم تأكيد له.

والثاني - أنه ذكر أنهم ملازمون للنار ملازمة الصاحب لصاحبه، وكأنهم مختصون بها وهي مختصة بهم.

والثالث - التعبير بالجملة الاسمية مع التأكيد بضمير الفصل، وإن ذلك التعبير السامي كثير الورود في كتاب الله تعالى في مقام العقاب ومقام الثواب، والتعبير عن العقاب والثواب بالنسبة للكافرين والمؤمنين بالخلود، يدل على الدوام السرمدي والبقاء الأبدي، لأن ذلك صريح، ولكن فهم بعض العلماء أن المراد طول المدة لا البقاء الدائم، وأولئك يحسبون أن عذاب النار غير دائم، وذلك لَا دليل عليه بل عبارات القرآن صريحة قاطعة، وأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - لَا تقبل الشك في دلالتها. وإنها للجنة أبدا أو للنار أبدا.

وأن أولئك المشركين قد اعترضوا على القتال في الشهر الحرام مع أنهم المعتدون ولا يبغون إلا أن يرتد المؤمنون عن دينهم، وقد تألم المجاهدون لقتالهم في الشهر الحرام مع أنهم مدافعون، ولم يكونوا قاصدين القتال فيه وقد رد الله سبحانه كيد الضالين في نحورهم، وبين عقاب من يجيبون رغبتهم، وقد بين بعد ذلك حال المؤمنين ومنزلتهم من ربهم ليزول ندمهم، فقال سبحانه:

<<  <  ج: ص:  >  >>