للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن الآية كما تدل على ذلك توجب على المتصدق أن يبقي لنفسه ولعياله ما يكفيهم! ولذا قال - صلى الله عليه وسلم -: " خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى " (١) وروى أن رجلا أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - ببيضة من ذهب أصابها في بعض المغانم فقال: خذها مني صدقة فأعرض عنه حتى كرر عليه مرارا. . . فردها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقال: " يأتي أحدكم بماله كله يتصدق به ويجلس ويتكفف الناس، إنما الصدقة عن ظهر غنى " (٢).

وقد ختم الله سبحانه الآية الكريمة بقوله تعالى: (كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) أي يبين سبحانه وتعالى في كل الأحوال بيانا كهذا الذي ذكره في الإنفاق وفي الخمر والميسر لكي تتفكروا وتتدبروا في مصالحكم في الدنيا والآخرة، فتسيروا على الطريق المستقيم في الدنيا، وتتكون منكم الجماعة الفاضلة المتعاونة المتآزرة، ويحسن جزاؤكم في الآخرة، وتحظوا برضوان الله، وذلك هو الفوز العظيم. و " لعل " للرجاء، وهو من الله سببحانه وتعالى في معنى التعليل، لأنه لا رجاء من الله، إنما الرجاء من العبيد فهذا التمثيل والتصريف في آيات الله البينات ليرجوا التفكر والتدبر، ويسيروا فيه ليصلوا إلى الغاية الصالحة.

وأما السؤال الثالث فقد جاء فيه قوله تعالى:

(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). والإجابة فيه وأساسها أيضا إماطة الأذى عن الجماعة الإسلامية، فإنه إذا كان الإنفاق على الفقراء يحمي المجتمع من الفقر وأهواله وغوائله، فحماية اليتامى وكلاءتهم تحمي المجتمع من أن يكون منهم شريرون يبغضون المجتمع، ويجلبون له الويلات وهم في كنف المجتمع ورعايته. لقد سألوا عن اليتامى أيضمونهم إليهم ويأكلون معهم أم يدعونهم وأموالهم، وكيف يرعونها، وكيف يقومون عليها؛ سألوا هذه الأسئلة ومايشبهها، وقد قرأوا قوله تعالى: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ)، وقوله تعالى:


(١) رواه البخاري: كتاب الزكاة (١٣٣٧)، والنسائي (٢٤٩٧)، وأبو داود (٤٢٧ ١)، وأحمد (٦٨٨٥)، والدارمي (١٥٩٢).
(٢) رواه أبو داود: الزكاة (١٤٢٥)، ورواه الدارمي: الزكاة (١٦٠٠) بنحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>