للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْكُمْ) لأن هذا يفيد أن الأب غير ملزم بالاسترضاع، بينما رأي الحنفية يفيد بأنه الملزم، والأم غير ملزمة ولما رأوا ذلك قالوا: إن الأم عليها الإرضاع ديانة لا قضاء.

والمالكية يرون أن المرأة عليها إرضاع ولدها إلا لعذر، واعتبر من الأعذار أن تكون من الطبقة التي لَا ترضع أولادها عادة.

وقوله تعالى: (حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) يفيد أن الإرضاع اللازم للغذاء لَا يتجاوز حولين كاملين، ووصف الحولين بأنهما كاملان، للإشارة إلى النهاية الكاملة التي لَا يدخلها تجاوز ولا تسامح، وليتناسب مع قوله: (لِمَنْ أَرَادَ أن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) وإن بيان الحدود من حيث الابتداء والانتهاء يجب أن يكون دقيقًا، وإن الناس قد يعدون ما دون الحولين إذا كان قليلا كشهر أو نحوه غير ناقص للمدة، فذكر سبحانه وتعالى وصف الكمال، لينفي مثل هذا الاحتمال).

وفى التعبير عن السنة بالحول في هذا المقال، إشارة إلى معنى دقيق، يبين أنه في انتهاء السنتين يكون الطفل قد بلغ حد الاستغناء؛ ذلك أن كلمة حول تدل على التحول من حال إلى حال، فيكون التعبير بها مشيرًا إلى تحول في مدارج نموه من وقت ظهوره في الوجود، ورؤيته شمسه، فإنه ينتقل شهرًا بعد آخر في التغذية، تبعًا لنمو قواه، وحاجة جسمه، فهو يبتدئ ضعيفا لَا يستطيع أن يتناول غذاءه إلا من ثدي أمه، ثم يتناولى غيره قليلا، ثم يزاد حتى إذا أتى على الحولين حالت الحال، واستغني تمامًا عن الرضاعة؛ ولذا قال سبحانه: (لِمَنْ أَرَادَ أَن يتِمَّ الرَّضَاعَةَ) وهذه الجملة السامية تشير إلى أنه قد يستغني الطفل عن أمه قبل الحولين، وأن من أراد التمام إن وجدت أسبابه يصل إلى نهاية الحولين، سواء أكان المريد الأب أو - الأم.

وهذه المدة هي حد لثلاثة أمور عند جمهور الفقهاء:

أولها - أجرة الرضاعة التي تستحقها الأم، والتي دل عليها قوله تعالى من بعد (وَعَلَى الْمَولُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ).

<<  <  ج: ص:  >  >>