للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما - التشاور فيه بأن يفحصحا حال الطفل من حيث قوته وقدرته على الاستغناء عن لبن الأم، وسلامة جسمه ونموه، ولا مانع من أن يستعينا في ذلك برأى خبير رشيد وقد أوجب سبحانه وتعالى التشاور عند الفطام، لأن ذلك سيؤثر في صحته في قابل حياته، بل ربما أثر في أعصابه؛ وإن لذلك خطره وشأنه فوجب التشاور فيه، والشورى واجبة في كل أمر ذي شأن وخطر.

وثاني الأمرين اللذين لابد من وجودهما عند الفطام: أن يكون الفطام بإرادة حرة صريحة واضحة ورضا كامل من كل منهما؛ ولذلك أكد الرضا من كل منهما بالذكر مرتين: أولهما أنه قال: (فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا) فأوجب تحقق إرادتهما، وثانيهما أنه قال: (عَن تَرَاضٍ) أي إرادة حرة صريحة صادرة عن تراض صحيح ليس فيه شائبة إكراه.

وفى ذلك فوق ما فيه من رعاية مصلحة الطفل احترام لإرادة المرأة فيما يتعلق بطفلها، وأنها ليست كمًّا مهملا في البيت، بل لها الرأي بجوار رأي الرجل في أخطر الأمور وأشدها أثرًا.

وإن العناية بأمر الفطام على ذلك النحو تدل على عناية الشارع الإسلامي بالناشئة وتربيتها تربية جسمية وخلقية وعقلية، فإن العناية بالطفل عناية بجيل كامل من الأمة، وعلى حسب العناية بالتربية الأولى يكون الجيل من الأجيال.

(وَإِنْ أَرَدْتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ) ما تقدم كان في إرضاع الأم ولدها، وفيه بيان وجوبه عليها، وما يقابل ذلك من حق لها على الأب، وفي هذا الكلام يبين الله الحكم في استرضاع الأب غير الأم، فبيَّن أن ذلك يكون برضا الأم وقد قال سبحانه: (وَإِنْ أَرَدْتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) أي إن اجتمع رأي الأب ورأي الأم على أن يسترضعوا لولدهما ظئرا، فلا إثم عليهما في ذلك، ولكن على الآباء أن يلاحظوا حق ذلك المرضع من الأجرة؛ ولذا قال سبحانه: (إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ) أي سلمتم ما وجب عليكم إعطاؤه بالمعروف أي يكون تقديره بالمعروف بين الناس

<<  <  ج: ص:  >  >>