للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفى قول آخر للشافعي: إن هذه الآية خاصة بغير المدخول بها التي لم يسم لها مهرًا، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه في المتعة الواجبة؛ وقد قال الطبري في ذلك إن الآية الأولى، وهي: (وَمَتّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ): فهم بعض الناس منها أن المتعة لمن لم يسم لها مهرًا ولم يدخل بها، من الإحسان غير الواجب وليست بواجبة، فجاءت هذه الآية صريحة في الوجوب.

وعلى ذلك الرأي تكون هذه الآية عامة في لفظها أريد بها الخصوص في معناها.

هذه هي التخريجات الفقهية على تفسير المتاع بأنه المتعة، وقد رأيت اضطراب أقوال الفقهاء بشأنها واختلافهم في معناها؛ وقد ادعى بعضهم أن هذه الآية منسوخة بالآية السابقة: (وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) [البقرة].

أما القول الثاني وهو تفسير المتاع بالنفقة فالذين قالوه أقل عددا، ولكنه أكثر اتساقًا، وأبعد عن كل معاني التأويل، وقد قال فيه الفخر الرازي: والقول الثاني بالمتاع النفقة، والنفقة قد تسمى متاعًا، وإذا حملنا هذا المتاع على النفقة اندفع التكرار فكان ذلك أولى.

ونحن نوافق الرازي على أن ذلك التفسير أولى، لأنه أولا يندفع به التكرار، وتندفع به ثانيًا دعوى التخصيص ودعوى النسخ، ويندفع به الاضطراب الكثير في تحرير معنى الآية الكريمة السامية، وأخيرًا هو الذي يتسق مع ما كان للمتوفى عنها زوجها من متاع هو السكنى، وهي إحدى شعب النفقة، فوجبت حقًّا في مال المتوفى، ولم يجب الباقي لعدم وجود من يجب عليه، أما المطلقة فتجب لها النفقة كاملة بشعبها الثلاث السكنى والطعام والكسوة، والله سبحانه هو العليم بمراده، تعالى كلام الله علؤًا كبيرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>