للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمدًا طال أو قصر؛ لأن النفقة - وهي الإدرار على الحي بما به حياته وبقاؤه انتفاع ممتد في الزمان، وقد يراد المتعة أي إعطاء شيء من نحو الثياب ينتفع به أمداً ممتدًا.

والمتاع في هذه الآية ما المراد به؟ أهو المتعة التي ذكرناها في قوله تعالى: (وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْروفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ)؛ أم المراد الانتفاع بالنفقة في أثناء العدة؟

ذكر الفخر الرازي أن معنى كلمة متاع للمفسرين فيها قولان هنا:

أحدهما: إن المراد بالمتاع هو المتعة، وهو ما يعطيه المطلق للمطلقة لها من نصف المهر، أو كسوة أو نحو ذلك من كل عطاء غير ممنون لمطلقته ليكون التسريح بإحسان.

والقول الثاني: المراد به النفقة التي تكون للمطلقة في العدة.

وإن القول الأول قد خاض تحت ظله الفقهاء كل يريد أن يخرج الآية على مقتضى مذهبه، ومنهم من أطلق نصها وجعله على عمومه، فأبو ثور والشافعي في أحد قوليه قد أخذا بعموم الآية الكريمة، وقررا أن لكل مطلقة متعة واجبة، فإنها قد وثِّق الوجوب فيها بقوله تعالى: (حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) ولا يوجد تعبير يوثق الوجوب كقوله تعالى: (حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ)؛ لأن الوجوب فيه قد تأكد بأنه من موجبات التقوى التي يتقى بها العذاب، وبالتعبير بعلى التي تفيد الإلزام، وبكلمة (حَقًّا) وهي مصدر حذف فعله، وهو يدل على تقرير الأمر وتثبيته.

ولقد اتبع هذان الإمامان في ذلك القول الزهري وسعيد بن جبير وغيرهما.

وقال مالك قريبًا من ذلك، وهو أن المتعة تكون واجبة لكل مطلقة إلا المطلقة المسمى لها مهر قبل الدخول بها؛ فقد جاء في المدونة في إرخاء الستور: جعل الله المتعة لكل مطلقة بهذه الآية ثم استثنى في الآية الأخرى التي قد فرض لها ولم يدخل بها، فأخرجها من المتعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>