للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منها التعبير بالاستفهام، فإنه للتنبيه وبعث الأذهان وحفز العقول على الالتفات، وبمقدار الوعي عند الاستماع تكون الإجابة وبمقدار الحث على الانتباه يكون الطلب.

ومنها: أنه جمع الإشارة والموصول في الاستفهام فقال (مَن ذَا الَّذِي) وفي ذلك بيان لعلو شأن من يبذل، فإنه لَا يستفهم (مَن ذَا الَّذِي) إلا إذا كان المقام ذا شأن وخطر، وكان موضع الاستفهام خطيرًا وعظيمًا وكان المخاطب له شأن جليل إلى درجة أن يشار إليه، ويتحدث عنه، فالإشارة كناية عن أنه يشار إليه في كل أمر جليل، والموصول كناية عن أنه يتحدث عنه عند ذكر كل أمر جليل.

ومن وجوه الحث على البذل في الجملة السامية: أن الله سبحانه وتعالى سماه قرضًا، لأن فيه إشارة إلى أنه سيرد لصاحبه، وأنه ليس مالاً يبذل من غير بدل يعود إليه، بل إن له بدلا أسمى منه، وعوضًا أجل وأعظم، واعتبره سبحانه قرضًا لله تعالى؛ وأي سمو تعلو إليه نفس الباذل عندما يحس بأن المقترض منه هو رب العالمين، الذي يملك كل شيء وهو خالق كل شيء؛ أي كلام يحرض على البذل أبلغ من أن يسمى فعله قرضًا لله المنعم بالوجود، والمالك لكل موجود؛ ثم إن القرض لله تعالى قرض مضمون الوفاء، مؤكد الأداء.

ومن وجوه الحث على البذل في التعبير السامي: أن سماه سبحانه قرضًا حسنًا، فهو حسن في باعثه، وفي عطائه، وفي نتيجته وثمرته.

وقد ذكر سبحانه بدل القرض فقال: (فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً).

وهذا هو الأمر الثاني الذي يدل على المبالغة في الحث على البذل والعطاء في سبيل الجهاد والنفع العام، فإذا كانت الجملة السابقة تدل على علو شأن الباذل الذي يعطي وعظم البذل في سبيل الخير والعطاء، وشرف ذلك العمل لأنه عطاء لله العلي القدير مالك كل شيء، إذا كانت الجملة السامية التي سبقت تدل على ذلك، فإن هذه الجملة الكريمة تحرض على العطاء من ناحية العوض الذي يعوض عنه، فإنه ليس بقدره، بل هو أضعافه.

<<  <  ج: ص:  >  >>