للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والضِّعْف: مِثْلُ الشيء، وضعفاه أي مثلاه، وقد يراد من الضعف المثلان، وقد جاء في القاموس المحيط ما نصه: (ويقال لك ضعفه يريدون مثليه وثلاثة أمثاله؛ لأنه زيادة غير محصورة) وقد جاء في مفردات الراغب الأصفهاني: (الضعف من الألفاظ المتضايفة التي يقتضي وجود أحدهما وجود الآخر كالنصف والزوج، وهو تركب قدرين متساويين، ويختص بالعدد فإذا قيل أضعفت الشيء وضعفته وضاعفته ضممت إليه مثله فصاعدًا، قال بعضهم: ضاعفت أبلغ من ضعفت).

ومن هذا يتبين أن (يضاعف) في الآية الكريمة معناها يرد إلى الباذل المعطي المقرض لله بدلا ما أعطى أمثالا كثيرة، فمعنى أضعافًا: أمثالا كثيرة. ولم يذكر سبحانه وتعالى العدد، وذلك يدل على الكثرة الكاثرة التي لَا حدَّ لها، ولا عدد يحصيها؛ وحسبك أن تعلم أن الذي يوفي بالقرض هو مالك السماوات والأرض.

وإذا علم الباذل أن ذلك جزاء عطائه وإنفاقه، فلابد بالغ أقصى غايات الجود، باذل كل موجود، وليس بذاهب ما يكون في سبيل الخير، ولا ضائع ما يكون في سبيل النفع العام.

وما هذا الجزاء؛ أهو في الدنيا أم في الآخرة؛ لَا شك أن ثمة جزاء في الآخرة وأن جزاءها هو الجزاء الأوفى، والغاية القصوى، والأمل المرجى لكل مؤمن؛ وإن فيها للذين أحسنوا الحسنى وزيادة.

وإنه مع ذلك الجزاء الأوفى يوجد جزاء دنيوي، ومضاعفة لفعل الخير في هذه الحياة تبدو لكل من يفهم معاني الحياة، وإن هذا الجزاء الدنيوي هو العيش العزيز، والحياة الكريمة له ولقومه، ودفع الهلاك عن أمته؛ فإن بذل المال دفاعًا عن الحوزة هو الحياة، وهو أقصى غاية الوجود بعد بذل النفس؛ ولذا اعتبر من لم ينفق قد ألقى بنفسه في الهلكة، كما قال تعالى: (وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ. . .).

<<  <  ج: ص:  >  >>