عندما تشتد الشديدة، ولا يكون في بيت المال ما يكفي - يكون واجبا. والإنفاق على الفقراء إذا لم تكف الزكاة يكون واجبًا؛ فالقصر على الزكاة ليس بصحيح.
وقد ذكر الله سبحانه وعيدًا شديدًا لمن لَا ينفق في سبيل الله فقال سبحانه:
(مِّن قَبْلِ أَن يَأتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شفَاعَة) والُخلَّة المودة والمحبة، وأصلها من الخلل بمعنى الفرجة بين الشيئين، وقد جاء في مفردات الراغب ما نصه:" الُخلَّة المودة، إما لأنها تتخلل النفس أي تتوسطها، وإما لأنها تُخِلُّ بين النفس فتؤثر فيها تأثير السهم في الرميّة، وإما لفرط الحاجة إليها؛ يقال منه خاللته مخاللة وخلالا فهو خليل ". والشفاعة مأخوذة من الشفع بمعنى الضم، فالشفاعة الانضمام إلى آخر ناصرا له وسائلا عنه، وأكثر ما تستعمل في انضمام من هو أعلى حرمة ومرتبة إلى من هو دونه، ومنه الشفاعة يوم القيامة.
وقد صرح سبحانه وتعالى بأن الإنفاق يجب أن يتداركه المنفقون قبل أن يأتي اليوم الذي لَا يجدي فيه بيع ولا مودة ولا شفاعة. ولا شك أن هذا اليوم هو يوم القيامة، ولكن ما المراد من نفي البيع والصداقة والشفاعة فيه؟.
هناك منهاجان في معنى هذا النفي:
أحدهما: أن معنى هذا النفي أنه يوم لَا بيع فيه أي لَا تجارة حتى يدفع الحرص عليها إلى عدم الإنفاق، ولا صداقة حتى يؤثر الإنفاق عليها أو طلب المادة عن طريقها في عدم الإنفاق، أو شفاعة أي طلب المال بطريق شفاعة الشفعاء ووساطة الوسطاء، والمعنى على هذا: أنفقوا قبل أن يجيء اليوم الذي لَا تجدون فيه جدوى للمال بتجارة، أو بصداقة تتبادل فيها المنافع المعنوية والمادية، أو بشفاعة شفعاء يطلب المال عن طريقهم. والمغزى في هذا أنه إذا غرتكم فوائد المال في هذه الأبواب الدنيوية، فأنفقوا لتتقوا بهذا الإنفاق اليوم الذي لَا تروج فيه هذه الأسباب، بل يحكم فيه الحكم العدل مالك الملك.
والمنهاج الثاني: أن يكون المراد نفي هذه الأمور في الآخرة؛ فالمعنى: أنفقوا قبل أن يأتي اليوم الذي لَا تستطيعون فيه أن تفتدوا نفوسكم بعدل تقدمونه فيكون