للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (٢٦٣) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (٢٦٤)

* * *

المؤمن الحق يشعر أن الحق يتقاضاه دائمًا الجهاد لأجله، والسعي في سبيل رفعته؛ لأنه منذ أن أخرج إبليس وآدم وحواء من جنة الله، والعداوة مستحكمة بين الحق والباطل، وإبليس يغوي الأشرار، والله سبحانه يهدي المؤمنين إلى الحق، ويوفقهم لنصرته.

وإن الجهاد في سبيل الحق له ميادين ثلاثة:

أولها: الإقناع بالحجة والبرهان، كما قال سبحانه وتعالى لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن. . .).

وإن ذلك الجدال مع أهل الشر الذين مردت نفوسهم على النفاق والمغالبة بالباطل ليس أمرًا سهلا يسيرًا، بل هو أمر الأمور؛ لأن التقاء العقل الذي أناره نور الحق بالعقل الذي طمس الله على بصيرته ليس من الأمور التي يستطيعها كل العقلاء.

والميدان الثاني من ميادين الجهاد: الجهاد المسلح، بمنع اعتداء الباطل، وخضد شوكته وفَلّ حدته، وحمله على الجادة، ومنع أهله من أن يفتنوا الناس في دينهم؛ وإن ذلك أظهر ميادين الجهاد، وهو باب من أبواب الجنة.

والميدان الثالث من ميادين الجهاد: البر وإعطاء المال، وبذله مع طيبة النفس ببذله وعطائه؛ وإذا كان المال قد سمي النفيس؛ فلأنه قطعة من نفس من يبذله، وإن بذل المال هو الذي يقوي وحدة المؤمنين؛ لأنه من التعاون بين الفقير والغني،

<<  <  ج: ص:  >  >>