للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والتعاون جماع كل القوي، وفوق ذلك فإن إمداد الجند بالمال إنما هو إمداد بذخيرة القتال، وعدة النزال، والمال في الحروب من عصبها، كما هو عصب كل إصلاح في الأمة.

وقد ذكر سبحانه وتعالى قصص القتال بين الحق والباطل، وكيف ينتصر الحق مع الإيمان به وقلة العدد والعُدد، وينهزم الباطل مع كثرة العدد، وذكر عمل المرسلين، وتبليغهم رسالات ربهم؛ وذكر من ذلك مجادلة إبراهيم خليله لطاغية من طغاة الدنيا.

وفى هذه الآية الكريمة يذكر سبحانه ميدان الجهاد الثالث، وهو ميدان الصدقة غير الممنونة ولا الممنوعة؛ ولقد روي أن هذه الآيات نزلت في صدقة عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان في الجهاد في سبيل الله عند غزوة تبوك؛ وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما حث الناس حين أراد الخروج إلى غزوة تبوك، جاء عبد الرحمن بأربعة آلاف درهم فقال: يا رسول الله كانت لي ثمانية آلاف، فأمسكت لنفسي ولعيالي أربعة آلاف، وأربعة آلاف أقرضتها لربى؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت " (١). وقال عثمان: يا رسول الله عليَّ جهاز من لَا جهاز له. ولقد قال عبد الرحمن بن سمرة: جاء عثمان بألف دينار في جيش العسرة فصبها في حجر رسول الله) (٢). ولقد قال أبو سعيد الخدري: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - رافعا يديه يدعو لعثمان يقول: " يارب! عثمان، رضيت عن عثمان فارض عنه " (٣).


(١) رواه البزار عن أبي هريرة، وكذلك أخرجه عبد بن حميد، وأخرجه ابن أبي حاتم والطبري وابن مردويه، وذكره ابن إسحاق في المغازي بغير إسناد. راجع: فتح الباري ٨/ ٣٣٢، ومجمع الزوائد ٧/ ٣٢، وكنز العمال (٣٦٣٣).
(٢) رواه الترمذي: مناقب عثمان (٣٦٣٤).
(٣) رواه أبو نعيم وابن عساكر عن أبي سعيد الخدري بلفظ: " اللهم قد رضيت عن عثمان فارض عنه " قالها ثلاثا، وكذا رواه ابن عساكر عن عائشة رضي الله عنها. [جامع الأحاديث - السيوطي (٤٢٢٥)].

<<  <  ج: ص:  >  >>