للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولعل في قوله تعالى: (لَعَلَّكمْ تتَفَكَرونَ) هي في الرجاء، وليس الرجاء من الله تعالى؛ لأن الله سبحانه وتعالى عالم بكل شيء، فلا يكون منه رجاء وتوقع؛ لأن ذلك شأن من لَا يعلم، إنما يكون منه سبحانه وتعالى تحقق وتأكد؛ وإنما معنى الرجاء هو المتفق مع ذات البيان؛ لأنَّ ذلك من شأنه أن يرجى معه تفكر المتفكر وتدبر التدبر؛ ولذلك قال بعض العلماء: إن لعل هنا للتعليل، فالمعنى كان ذلك البيان لتتفكروا وتتدبروا.

والمعنى الإجمالي لذلك الختام الكريم لهذا المثل السامي الحكيم: يبين الله سبحانه وتعالى آياته دائمًا، كذلك البيان الذي اتضح لكم في هذا المثل الرائع المحكم الذي تتسع آفاق الفكر في إدراكه، فينال كل منه بمقدار إدراكه، فبيان الله دائمًا من ذلك النوع، لتتفكروا وتتأملوا آيه، وتدركوا مراميها القريبة والبعيدة.

وفقنا الله سبحانه وتعالى لإدراك معاني كتابه، والعمل به، وألهمنا الصواب في فهمه؛ إنه سبحانه وتعالى الهادي إلى الحق دائمًا.

* * *

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٢٦٧) الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٢٦٨)

* * *

بيَّن سبحانه وتعالى الإنفاق الذي يعد برًّا، ويؤتي ثمراته في الدنيا والآخرة، وهو الإنفاق ابتغاء مرضاة الله تعالى [لا ابتغاء] تسهيل مطلب من مطالب الدنيا، ولا طلبًا لجاه، ولا ملَقًا لذي جاه، ويشترط في ثواب الآخرة مع ذلك ألا يعقب العطاء

<<  <  ج: ص:  >  >>