للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٧١) لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (٢٧٢)

* * *

في الآيات السابقة حذر الله سبحانه وتعالى المنفقين من أدواء الصدقات التي تفتك بها وتذهب بخيرها، وهي أعداء الإخلاص الثلاثة: المنُّ، والأذى، والرياء.

والمنُّ والأذى عملان حسِّيان قد يسهل على المؤمن اجتنابهما، أما الرياء فهو داء نفسي الاحتياط في تجنبه يوجب تفتيش النفس في داخليتها، ومراقبتها في حركتها، والتنقيب عن بواعثها، فإن كانت تتصل بالرياء عن قرب أو بعد طهرها وزكاها، وإن سلمت منه فقد برئت واصَّعَّدت إلى سماء التقديس، وإن المؤمن في سبيل هذه المعالجة الروحية عند الإنفاق قد يتردد بين الإعلان ليكون أسوة حسنة للناس، إذ يعلن حق الله في ماله فيعرف كل ذي مال ذلك، ولكنه يخشى أن يجد الرياء منفذًا إلى نفسه من هذه الناحية، وإن أخفاها وسترها عن الأعين، فقد يضل في العطاء، فيعطي من لَا يستحق العطاء، ولا يكون إعلان تلك الشعيرة المقدسة، شعيرة الصدقة التي تثير نخوة ذي المال، فيقتطع من ماله حق الله فيه.

ولقد بيَّن سبحانه أن في الإخفاء خيرًا كثيرًا، والجهر محمود إن نقِّي من كل أعراض الرياء، فقال تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>