للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والوصف الثاني من أوصاف الذين لَا يأكلون الربا: هو العمل الصالح، والعمل الصالح هو كل عمل فيه خير للمجتمع الذي يعيش فيه المؤمن، يبتدئ فيه بالأسرة: الأقرب فالأقرب، ثم بالجيران: الأدنى فالأدنى، ثم بالعشيرة كلها، ثم بقومه، ثم بأمته.

وإن اقتران الإيمان دائما بالعمل الصالح يدل على أن الإسلام يدعو إلى العمل الإيجابي للخير، فليس الإيمان في الإسلام مجرد نزاهة روحية، وتعبد في الصوامع، إنما الإيمان مظهره عمل إيجابي فيه نفع للناس؛ فالإسلام يدعو إلى العمل الإيجابي، لَا مجرد التقديس السلبي.

وإذا كان العمل الصالح هو النفع العام والنفع الخاص، فإنه يفترق عن الصلاة والزكاة، من حيث إن هذه هي الفرائض الوقتية المنظمة للعلاقات بين العبد وربه، وبين العبد والناس، أما العمل الصالح فهو الحال الدائمة للمؤمن التي لا تتقيد بزمان ولا مكان، ولا حال، فكما أن الإيمان حال دائمة، فالعمل الصالح أي النفع الدائم المستمر للإنسان هو الذي ينبغي أن يكون حالا دائمة مستمرة للمؤمن.

وذكر هذا الوصف في مقابل أكل الربا فيه إشارة إلى التقابل بين الشر والخير، والإثم والبر، فإن الإثم إيذاء للناس ومن ذلك الربا، وأخلاق المؤمن العمل النافع الدائم للناس، وهو الخير وهو البر.

والوصف الثالث: إقامة الصلاة، أي الإتيان بها مقومة غير معوجة بحيث يستذكر فيها المصلى ربه، ولا يسهو فيها عن ذكره سبحانه، وما ذكرت الصلاة في مقام المدح للمصلين إلا ذكرت بالإقامة، لأن إقامتها هي التي تهذب النفس، وتبعدها عن الفواحش والمنكرات، كما قال تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ. . .).

وإنَّ ذكر الصلاة بجوار العمل الصالح فيه إشارة إلى أن الإسلام يلتقى فيه وصفان جليلان: التهذيب الروحي، والنزاهة النفسية التي تكون بالصلاة والمداومة

<<  <  ج: ص:  >  >>