للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على إقامتها، والعمل النافع المستمر وجلب الخير للناس، ففيه نزاهة الروح والنفع العام.

والوصف الرابع من أوصاف المؤمنين إيتاء الزكاة، والزكاة هي الفريضة الاجتماعية التي فرضها الله سبحانه وتعالى، وبها يأخذ ولي الأمر من مال الغني ما يسد به حاجة الفقير، فهي قدر معلوم قدره الشارع الحكيم، بحيث يأخذه من مال الغني قسرًا أو اختيارًا، وذكر الله سبحانه وتعالى في هذه الجملة أولئك الذين يؤتون الزكاة طواعية واختيارًا، فهم يعطونها محتسبين النية معتقدين أن الزكاة مغنم لهم ومطهرة لأموالهم، وليست مغرمًا لهم، ولا منقصة لأموالهم. وقد أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أن المسلمين بخير ما حسبوا الزكاة مغنمًا، ولم يحسبوها مغرمًا، ولقد قال تعالى: (خُذْ مِنْ أَموَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِيهِم بِهَا. . .).

وذكرت الزكاة في هذا المقام؛ لأنها مقابلة للربا كما بينا في الآية السابقة، وقد تلونا فيما سبق قول الله تعالى: (وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (٣٩).

(لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) هذا جزاء الذين يؤمنون، ويعملون العمل الصالح في سبيل النفع، ويطهرون نفوسهم بالصلاة، ويطهرون أموالهم بالزكاة، وقد ذكر سبحانه وتعالى لهم أنواعا ثلاثة من الجزاء. أولها: الأجر، وهو عوض ما قاموا به من خير، واعتبر إنعامه عليهم بأضعاف ما صنعوا أجرًا وعوضًا وهو المنعم المتفضل، حثا على فعل الخير، وتعليم الناس الشكر، ومقابلة الخير بالخير.

والثاني من أنواع الجزاء: الأمن وعدم الخوف، فلا مزعج يزعج فاعل الخير، إذ إنه بالعمل للنفع العام، وتطهير النفس، وإعطاء الفقير حقه المعلوم قد وقى نفسه ووقى مجتمعه من ذرائع الفتن ونوازع الشر، هذا في الدنيا؛ أما في الآخرة، فالأمن من عذاب الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>