للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تكليفية لم يبينه النبي - صلى الله عليه وسلم - لكان معنى ذلك أن الرسول الكريم لم يبلغ رسالة ربه، وهذا مستحيل. لذلك نقول جازمين: إنه ليس في آيات الأحكام آية متشابهة، وإن اشتبه فهمها على بعض العقول لأنه لم يطلع على موضوعه فليس ذلك لأنها متشابهة في ذاتها، بل لاشتباه عند من لَا يعلم، واشتباه من لَا يعلم لَا يجعل آية في القرآن متشابهة.

وأكثر العلماء يقولون إن آيات الصفات التي توهم التشبيه هي من المتشابه كقوله تعالى: (يد الله فوق أيديهم)، وقوله تعالى: (كُلُّ شيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ. . .)، وقوله تعالى: (الرَّحْمَن عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)، فقالوا إن السلف يفوضون فيقولون آمنا به كل من عند ربنا، والخلف يؤولون، فيقولون: إن اليد هي القدرة، والاستواء الاستيلاء، والوجه هو الذات؛ وهكذا يعتبرون تلك الآيات من المتشابه. وقد وجد من العلماء من لم يعدوا آيات الصفات من المتشابه إنما المتشابه عند أكثرهم هو ما يكون خاصا بالغيب الذي لَا نعلمه، ولم يعلمه لنا، كحقيقة الروح، وما يكون من نعيم اليوم الآخر، والعقاب والثواب فيه؛ من حيث إنه لَا يعرف ماله إلا الله تعالى، وما أخبره الله تعالى إن هو إلا تقريب، ففي الجنة ما لَا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطرَ على قلب بشر. وهؤلاء الذين نفوا أن آيات الصفات من المتشابه، لهم ثلاثة مناهج:

المنهاج الأول: منهاج ابن حزم؛ فهو يقول إن آيات الصفات لَا تشابه فيها، فهي كلها أسماء للذات العلية؛ فاليد كناية عن الذات، والوجه كذلك، والاستواء فعل للذات العلية. . وهكذا، وقصَر المتشابه على الحروف التي تبدأ بها السور، والأقسام التي يقسم بها الله تعالى.

والثاني: منهاج للغزالي ذكره في بعض كتبه، وهو " إلجام العوام عن علم الكلام "، وقد ذكر فيه أن بعض هذه الألفاظ التي توهم التشبيه هي استعمال مجازي مشهور، وليس تأويلا؛ فإنه يقال: وضع الأمير يده على المدينة،

<<  <  ج: ص:  >  >>