للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيفهم كل عربي أن معنى ذلك أنه استولى عليها وسيطر، ويكون من هذا القبيل: (يد الله فوق أيديهم). فعبارات الغزالي في هذا الكتاب تفيد أن هذه العبارات مجاز عربي مشهور لَا يحتاج إلى تأويل، ولكن يجب بعد هذا الفهم الظاهر التفويض وأن نقول: (آمَنَّا بهِ كُلٌّ منْ عِندِ رَبِّنَا).

المنهاج الثالث: منهاج ابن تيمية، وهو يرى أن هذه الآيات ظاهرة في معانيها، فهو يقول: إن لله يدا ولكن ليست كأيدينا، ووجها ولكن ليس كوجوهنا وإن هذه معان حقيقية، ويقول إن ذلك هو مذهب السلف، وهو في هذا تابع لطائفة من الحنابلة ادعوا أن ذلك منهاج الإمام أحمد. ولكن رد عليهم ابن الجوزي، وأنكر أن يكون ذلك مذهب أحمد فقال: " رأيت من أصحابنا من تكلم في الأصول بما لَا يصلح، ورأيتهم قد نزلوا إلى مرتبة العوام، فحملوا الصفات على مقتضى الحس، فأثبتوا له سبحانه صورة ووجها زائدا على الذات؛ وقد أخذوا بالظاهر في الأسماء والصفات، ولا دليل لهم في ذلك من النقل ولا من العقل، ولم يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعاني " ثم يقول: " يا أصحابنا أنتم أصحاب نقل واتباع، وإمامكم الأكبر أحمد بن حنبل رحمه الله يقول وهو تحت السياط: كيف أقول ما لم يقل! ثم قلتم في الأحاديث تحمل على ظاهرها، فظاهر اليد الجارحة، ومن قال استوى بذاته المقدسة فقد أجراه سبحانه مجرى الحسيَّات، وينبغي ألا يهمل ما يثبت به الأصل، وهو العقل، فإنا به عرفنا الله تعالى، وحكمنا له بالقدم " ثم يقول " لا تُدخلوا في مذهب هذا الرجل الصالح ما ليس فيه ".

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>