للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أعده الله سبحانه لها، كما قال سبحانه (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٣٨).

وهذا التعبير السامي (قَائِمًا بِالْقِسْطِ) فيه مع المعنى الذي ذكرناه إشارة إلى مقام الربوبية، وهو أنه الخالق المسيطر المسير المحكم لهذا النظام الكوني، وإشارة إلى مقام الألوهية، وهو أنه وحده المستحق للعبادة، ما دام هو وحده القائم على كل شيء وفيه إشارة إلى مقام العبودية، وهو أنه لَا يعبد سواه، فلا قوة لأحد أو لشيء بجوار قدرة الله؛ فهو سبحانه الديان، والمجازي للخلق على ما يعملون، بمقتضى قيامه على هذا الكون بالقسط، فإنه بحكم القسط لَا يستوي الذين يعملون الخير، والذين يعملون الشر؛ ولهذا نقول: إن في هذه الجملة الكريمة (قَائِمًا بِالْقِسْطِ) إشارة أيضا إلى اليوم الآخر وما فيه من حساب وعقاب وثواب.

وكرر سبحانه تقرير الوحدانية فقال:

(لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) وفي هذا التكرار إشارات إلى معان جديدة.

منها: الإشارة إلى أنه سبحانه وتعالى لَا يترك الناس سدى، فهو بمقتضى انفراده بالربوبية والألوهية والعبودية، قد شرع الشرائع بمقتضى حكمته، وهو يحميها بعزته وسلطانه؛ ولذا وصف سبحانه بأنه (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أي الذي يدير هذا الكون وأمور الناس، ويشرع لهم الشرائع ويحميها؛ لأنه العزيز الحكيم.

ثم في هذا النص أيضا إشارة إلى كمال سلطانه وانفراده وحده بهذا السلطان.

وفيه أيضا رد على الذين يتخذون لله شفعاء يحسبون أن لهم سلطانا، وما لأحد عند رب العالمين من سلطان، فكل خلقه بالنسبة لقدرته وعلمه وإرادته سواء.

وقبل أن نترك القول في هذه الآية الكريمة لابد من أن نتكلم كلمة موجزة في أولي العلم؛ فمن هم أولو العلم الذين قرن اسمهم باسم الملائكة بل بلفظ الجلالة، ووضعت شهادتهم مع شهادته سبحانه، وشهادة ملائكته الأطهار؛ هذا سؤال يتردد في نفس كل قارئ يتلو كتاب الله العظيم. ونقول في الإجابة عنه: إنهم الذين وصفهم الله سبحانه وتعالى في قوله: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ... ).

<<  <  ج: ص:  >  >>