وهذه الأعمال حبطت أعمالهم، أي بطلت وأصبحت لَا تنتج إلا شرا لصاحبها، كالدابة التي تأكل شر الثمار حتى ينتفخ بطنها من سوء ما تأكل، وَحَبْطُ الأعمال أن لَا تنتج خيرا لصاحبها، وأن يكون الجزاء عليها شرا، وأن تكون نتيجتها سوءًا، فيحاسب الله الفاعلين على نياتهم التي طويت في صدورهم وعملوا الأعمال باسم الخير، وهي للشر، وأولئك الأشرار يبطل الله أعمالهم ويحبطها، فجزاؤها شر في الآخرة بعذاب أليم، وفي الدنيا بذهاب دولتهم وسلطانهم؛ لأن الإعراض عن الحق، ومعاقبة من ينطق بكلمة الحق، وقتل الذين يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن النكر، من شأنه أن يفسد الدولة، وإذا فسدت الجماعة ذهبت القوة، ولذا قال سبحانه:(وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ) أي ليس لهم أي ناصر، فالنفي المستغرق مع تأكيده بمن الزائدة، يفيد أنه لَا يمكن أن يكون لمن يقتل الداعي إلى الخير ناصر مطلقا؛ لأن الناس لَا يثقون به ويتقونه ولا يطمئنون إليه، ولا يمكن أن يعيش امرؤ هنيئا إلا بثقة من الناس. ولقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " خير الناس آمَرُهم بالمعروف، وأنهاهم عن المنكر، وأتقاهم لله، وأوصلهم للرحم "(١).