للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أعيد معرفا بـ ا (أل) كان الثاني هو عين لأول، فإذا قلت خاطبت رجلا، فأفهمت الرجل حقيقة موقفه، كان الثاني عين الأول، فتكرار المؤمنين بالتعريف بأل إشارة إلى أن الثاني هو عين الأول، وفي ذلك إشارة إلى أن المؤمنين الذين يدخلون ولاية غيرهم يتركون أنفسهم، ويتخذون من عدوهم نكاية لأنفسهم.

وإن النهي عن تولى المؤمنين لغير المؤمنين غير معلل هنا صراحة، وإن كان قوله تعالى: (مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) يشير إلى أن تولى المؤمنين لغيرهم يكون نكاية لأنفسهم، وفي آية أخرى كان النهي معللا تعليلا صريحا، فقد قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَولِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ. . .). وقال تعالى: (وَالَّذِين كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ).

ففي هاتين الآيتين تعليل صريح للنهي عن أن يكون المؤمنون أو بعضهم في ولاية غير المؤمنين، وأن تكون سيوفهم وكل قوتهم لغير المؤمنين. والذي يستفاد من هاتين الآيتين أن السبب في أنه لَا يجوز للمؤمنين أن يتولَّوْا غير المؤمنين بأن يكونوا في ولايتهم، يتكون من ثلاثة أمور:

أولها: أن غير المؤمنين لَا يمكن أن يرعوا حقوق المؤمنين حق الرعاية، بل لا يألونهم خبالا، وقد حققت الأيام ذلك، فإن المؤمنين الذين يخضعون للأمم الأوروبية كمسلمي يوغسلافيا مع قيامهم بحق إقليمهم في نصرته لَا يكادون يستمتعون بأي حق سياسي، ولا يتولون أعمالا إدارية إلا في صغير الأمور.

وثانيها: أن الذي يكون في ولاية غير المسلمين تكون نصرته وقوته لغير المسلمين؛ ولذا قال سبحانه: (وَمَن يَتَوَلَّهم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) إذ تكون كل قوته وكل نشاطه الإنساني والاجتماعي لهم، وليس للإسلام منه شيء.

وثالثها: أن المسلمين الذين يكونون في ولاية غيرهم يفتنون في دينهم، ولو من قبيل العدوى وعدم تنفيذ أحكام الإسلام في الدولة، وفي ذلك فساد أي

<<  <  ج: ص:  >  >>