للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فساد، ولذا قال تعالى: (إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَاد كَبِيرٌ) أي إلا تمتنعوا عن الدخول في ولاية غير المسلمين تكن فتنة في الأرض وفساد كبير.

هذا، ويجب التنبيه إلى أن تولي المؤمنين لغيرهم ليس معناه المحبة، فإن بر المؤمن لغير المؤمن واجب إن تحقق السبب الموجب للبر، فقد قال تعالى: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٨) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٩).

(وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تقَاةً) أي من يدخل في ولاية الكافرين، ويترك ولاية المؤمنين فقد قطع صلته بالله سبحانه وتعالى قطعا تاما، لأن ولاية المؤمنين هي ولاية الله تعالى؛ وهذا معنى قوله تعالى: (وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شيْءٍ). وقد أولها بعض العلماء على حذف مضاف، والمعنى: فليس من ولاية الله في شيء، وبعضهم قال: فليس من الصلة بالله في شيء، ولكن لِمَ حذف المقدر، وجعل النفي عن ذات الله مباشرة؟ والجواب عن ذلك هو الإشارة إلى أن من دخل في ولاية غير المؤمنين تاركا ولاية المؤمنين، فقد ترك ذات الله سبحانه وتعالى وكان مختارا لقوة الكفار دون قوة العزيز الجبار، فهو يعاند الله نفسه، ويحاد الله سبحانه، والله عزيز ذو انتقام، وهو ذو القوة المتين، وهو الناصر، فإن نصر فلا خذلان، وإن خذل فلا نصر: (إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ. . .).

هذا حكم الجماعة الإسلامية أو بعضها في الدخول في ولاية غير المسلمين، ولكن قد يكون بعض الآحاد في حال ضعف، وهم مضطرون لأن يعلنوا الموالاة لبعض الكافرين، فهل يسوغ ذلك؛ ذكر الله حكم هؤلاء في هذا الاستثناء، فقال سبحانه: (إِلَّا أَن تَتَّقُوا منْهُمْ تُقَاةً) أي أن براءة الله سبحانه وتعالى من الذين يوالون الكفار ثابتة قائمة إلا في حال الخوف وخشية الضرر المؤكد لبعض المسلمين

<<  <  ج: ص:  >  >>