للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن بينها وبينه أمدا بعيدا أي زمنا طويلا وقت أن تجد كل ما عملت محضرا من خير أو سوء.

وهذا يؤدي إلى أن من عملت خيرا تود أمدا بعيدا، مع من عملت سوءا، مع أن رجاء الثواب يسوغ تمنى المسارعة لَا تمنى التأجيل؛ ولهذا لَا نوافق عليه.

والوجه الثاني: أنه متعلق بقوله تعالى: (وَيُحَذّرُكُم اللَّه نَفْسَهُ) بدليل قوله تعالى مكررا التحذير، فقال: (وَيُحَذِّرُكُم اللَّهُ نَفْسَه) مرة أخرى، ولكن يرد على هذا بعد القول، ومجيء جملة مستقلة بينهما، واختلاف القائل؛ فالأول من قول الله ئعالى والتحذير من الله، والثاني من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - بأمر الله ولكن قد يرد هذا الاعتراض بأن قوله تعالى: (قُلْ إِن تخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ) معترضة بين كلامين متلازمين للمسارعة بإثبات شمول علم الله تعالى وقدرته.

التوجيه الثالث: أنه متعلق بمحذوف تقديره: اذكروا، وهذا أسلمها في نظري.

المبحث اللغوي الثاني - قوله تعالى: (وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ) أهي معطوفة على (مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ) أم " ما " مبتدأ خبره " تود "؛ أظهر الأقوال أنها مبتدأ وجملة تود خبر، والمعنى: ما عملت: ما عملت من خير تجده محضرا، وما عملت من سوء تتمنى كل نفس أن يكون بينها وبينه أمد بعيد.

المبحث الثالث - الأمد اسم للزمان كالأبد يتقاربان، لكن الأبد كما قال الأصفهاني مدة من الزمان ليس لها حد محدود، ولا يتقيد، فلا يقال: أبد كذا؛ أما الأمد فمدة لها حد مجهول، إذا لم يضف إلى غاية معينة، فإن أضيف كان محدودا بهذه الغاية. والمعنى أن النفس التي تجد عملها السعي محضرا تود لو يتأخر أمدا بعيدا، ولكن لَا تحقيق لهذا التمني.

ولقد كرر الله سبحانه التحذير من نفسه تذكيرا، وليكون في بال المؤمن دائما، ولبيان أن ذلك التحذير من دواعي الرحمة كما هو من تربية الرهبة، فهو

<<  <  ج: ص:  >  >>