للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قد ذكر تمهيدا لقوله تعالى: (وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) فتذكير العباد وتحذيرهم من رحمته بهم حتى لَا يؤخذوا أخذ عزيز مقتدر، وختمت الآية بهذا التذييل الكريم؛ لإثبات أن عقاب المسيء وثواب المحسن من الرحمة، فليس من الرحمة في شيء أن يتساوى المحسن والمسيء، ولإثبات أن ولاء المؤمنين ومعاداة الكافرين من الرحمة بالعباد، حتى لَا يعم الظلم وينتشر الفساد. اللهم وحِّد الولاية الإسلامية، واجعل المسلمين جميعا بعضهم أولياء بعض.

* * *

(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣١) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (٣٢)

* * *

يؤمن المؤمن رغبة في الثواب، ويؤمن المؤمن خوفا من العقاب، ويؤمن المؤمن إذعانا للحق، ومحبة للرب، وإخلاصا وخلاصا من أدران الهوى، ومآثم هذه الدنيا؛ وتلك أعلى المراتب، وأشرف المناصب، وبها يعلو المؤمن.

وفى الآية السابقة حذر الله المؤمن من نفسه، فقال: (وَيُحَذّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) وقال: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) فكانت هذه الآية تدعو المؤمن إلى الطاعة ولزوم الجماعة بالترهيب، وفيها إشارة إلى الترغيب في قوله تعالى: (وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ).

وفى هذه الآية يدعو إلى الطاعة لَا خوف العقاب ولا رجاء الثواب، ولكن لأن الطاعة تؤدي إلى أعلى منازل السائرين، وهي المحبة: محبة الله لعبده، ومحبة العبد لربه.

قال بعض السلف: ادعى قوم محبة الله، فأنزل الله تعالى آية المحبة:

<<  <  ج: ص:  >  >>