للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) عجب نبي الله فقال: أَنَى لك هذا؟ أي من أَين لك هذا؟ فإن أَنَّى تكون بمعنى كيف، كما قال تعالى: (فَأتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ. . .)، وتكون بمعنى من أين، وهي هنا كذلك؛ عجب نبي الله من هذا الرزق، وما كان العجب إلا لأنه لَا يعرف لسببه، ولو كان يعرف أنها هبات تأتيها ما ثار عجبه، ولقد كانت إجابتها إجابة الربانيين الأبرار؛ (قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ). أكدت أنه رزق الله، ولذلك أتت بالضمير، ثم أكدت ذلك بما يزيل العجب، فقالت: (إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقً مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) أي أن رزق الله كثير غير محدود بحد، ولا مقدر بقدر؛ ولذا لَا يحده الحساب، ولا تجري عليه الأعداد التي تنتهي. ويصح أن تكون هذه الجملة السامية من كلام الله تعالى لتقرير ما قالت، وبيان أن الله أجرى عليها الرزق لينمو جسمها مع نمو روحها، ويتم لها الإنبات الحسن في الجسم والروح معا، والله سبحانه وتعالى على كل شيء قدير.

* * *

(هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (٣٨) فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (٣٩) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (٤٠) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (٤١)

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>