للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عندها إن طلبتموها، وكلمة سواء تطلق بمعنى العدل والنصفة وقد قال زهير بن أبى سلمى:

أرونِي خطَّةً لَا ضَيْمَ فيها ... يُسَوِّى بيننا فيها السَّواءُ

فالسواء هنا هو العدل، وأصل السِّوَى، والسُّوى الاسُّتواء، وإذا فتحت السيق منها صارت سواء، ولقد قال تعالى: (. . . مَكَانًا سُوًى)، أي مكانا مستويا.

والمؤدى أن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه أن يدعوهم إلى كلمة يستوي فيها النبي معهم، وكان ينبغي أن يستووا بالنسبة لها معه، وتلك الكلمة، أو تلك الحقيقة المقررة الثابتة في كل الكتب السماوية التي لَا يفترق فيها كتاب عن كتاب هي ما ذكره سبحانه وتعالى بقوله:

(أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ)

فهذه الكلمة التي يستوي فيها الإسلام مع الأديان التي سبقته هي التوحيد، والتوحيد بشمول معناه يشمل التوحيد في العبودية، والتوحيد في الربوبية، والتوحيد في العبودية ألا يعبد إلا الله سبحانه وتعالى، وهذا ما بينه سبحانه وتعالى بقوله على لسان نبيه: (أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا). فلا يصح أن يشرك مع الله في الألوهية حجر ولا بشر، فلا يقال: فلان إله، ولا ابن إله ولا عنصر ألوهية قط في حجر.

أما التوحيد في الربوبية، فهو ما أشار إليه سبحانه بقوله تعالى: (وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ) أي لَا يتخذ أحد من البشر في مقام الرب، بأن يكون له فضل في التكوين أو الإنشاء أو التأثير في الخلق بأي نوع من أنواع التأثير، فإن هذا كله من عمل الرب، والله سبحانه وتعالى هو رب العالمين وحده، ولا رب سواه، فلا مؤثر في الكون ولا في الأشخاص، ولا في الأشياء سواه، فلا أثر لحجر ولا لبشر كائنا من كان هذا البشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>