للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ. . .)، فكان لَيُّ اللسان أن استعملوا كلمة (راعنا) بدل كلمة (انظرنا) وكلمة راعنا - في لغة السريان والعبرانيين - للسب، فهم باختيارها يشيرون إلى معنى السب في هاتين اللغتين، وبذلك يطعنون في الدين، ويسبون النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن لي اللسان، أن تقرأ عبارات في الكتاب بنغمته، وهي ليست منه. ومِنَ اللَّي المعنوي، تحريف المعاني بتوجيهها إلى غير المراد منها.

وبهذه الأنواع الأربعة كان بعض اليهود والنصارى يلوُون ألسنتهم بالكتاب أي عند قراءته و " الباء " في قوله تعالى: بـ (الْكِتَابِ)؛ بمعنى " في " فهم ينظرون إلى الصحائف التي تحوي التوراة، ويقرءون غير ما فيها بليِّ ألسنتهم إما بحذف حروف يغير المعنى حذفها، أو بتغيير كلماتها، أو بقراءة كلام غيرها بنغمتها وتجويده، أو بتحريف معانيها، ليتجهوا إلى معان ليست فيها؛ وليس شيء من هذا في الكتاب الذي يوهمون سامعيه أنه منه، وليس منه، وبذلك ضلُّوا وأَضلُّوا كثيراً، وضلُّوا عن سواء السبيل، وإن ذلك هو أصل الشر فيهم، وأصل فساد الاعتقاد عندهم.

والضمير في قوله سبحانه: (لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ) وفي: (وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ) يعود إلى ما لوَوْا به ألسنتهم؛ وتكرار الكتاب في النفي.، لبيان شدة براءة الكتاب المنزل على موسى وعيسى عليهما السلام مما يدعون ويفترون.

(وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) في هذا النص السامي بيان مدى الخطورة في لَي ألسنتهم بالكتاب، وإيهام الناس أن ما يقرءون وما يقولون من كتاب الله حتى يحسبه الناس كذلك، فإنهم إذْ يفعلون ذلك ينسبون لله تعالى ما لم يقله فيقولون: إن كلامهم هو من عند الله، وليس من عند الله، وذكر " هو " في كلامهم يفيد إصرارهم على ما يدعون مع علمهم بأنهم يكذبون ويفترون وذكره في نفي ادعائهم لتأكيد هذا النفي، وبيان أنَه منصبٌّ على كلامهم، لَا على أصل الكتاب، ويقول الزمخشري في قوله تعالى: (وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>