للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تأكيد لقوله (لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ) وزيادة تشنيع عليهم، وتسجيل بالكذب، ودليل على أنهم لَا يعرِّضون، ولا يورون، وإنما يصرحون بأنه في التوراة هكذا، وقد أنزله الله تعالى على موسى عليه السلام كذلك؛ لفرط جراءتهم على الله تعالى، وقساوة قلوبهم، ويأسهم من الآخرة. وقد سجل سبحانه وتعالى عليهم الكذب بقوله سبحانه:

(وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ) في هذه الجملة السامية بيان مقدار جرأتهم في الباطل، وكذبهم على الحق، فهم يكذبون على الله، وهم يعلمون أنهم كاذبون. وقد أكد سبحانه وتعالى شناعة تصوفهم وتبجحهم بأربعة مؤكدات:

أولها: أن كذبهم لم يكن تعريضا، ولا بلسان الفعال، بل كان بالقول الصريح.

وثانيها: أن المفترى عليه هو الله سبحانه وتعالى، فهم لَا يفترون على بشر مثلهم، ربما لَا يعلم افتراءهم عليه، بل إنهم يكذبون على علام الغيوب الذي يعلم ما تنطق به الألسنة وما تكنه القلوب، وإذا كانوا ينكرون علمه واطلاعه، فقد كفروا بهذا الإنكار قبل أن يكفروا بهذا البهتان.

وثالثها: أنهم يعلمون الحق، وينطقون بالباطل، ويعلمون حكم الله تعالى، ويكذبون عليه، ويتقولون الأقاويل، وهم يعلمون أنها غير صادقة.

ورابعها: أنه أكد علمهم بذكر الضمير، في قوله: (وَهُمْ يَعْلَمُونَ)، أي: هم بأعيانهم وأشخاصهم يعرفون كذبهم، وذلك هو الضلال البعيد.

وإن أعظم فرية افتراها بعض أهل الكتاب هي ادعاؤهم أن بعض النبيين دعوهم إلى أن يعبدوهم من دون الله تعالى، أو يتخذوهم أربابا، ولقد أشار الله سبحانه وتعالى - إلى هذه الفرية العظيمة ببيان أنها غير معقولة في ذاتها، وأعظم الافتراء ما كان منافيا لطبيعة من ينسب إليه؛ ولقد قال تعالى في بطلان هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>