للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحده، ولكنها مقام إبراهيم وكونه أمْنَ الناس ومثابتهم، وكونه المكان الذي يحج إليه المسلمون إلى اليوم، وكان العرب يحجون إليه ويقومون بكثير من المناسك، وإن خالطوها بشرك.

ولقد ذكر سبحانه الآية الثانية البينة لمقام البيت عند الله تعالى وعند العالمين بقوله:

(ومَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا) أي آمنا من الأذى والقتل. وهذه آية لَا شك فيها، فالعرب كانوا يحترمونه كما نوهنا، وكانت هذه نعمة أنعم الله بها عليهم، وبقيت حتى في شركهم؛ ولذا يقول سبحانه:

(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ. . .).

وأنعم عليهم سبحانه بأن حماه من كل من يغير عليه معتديا. حتى إن أبرهة عندما أغار بجيشه وأفياله ليهدمه، ارتد خاسئا كما قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (١) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (٢) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (٣) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (٤) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (٥).

وتلك آية من آيات الله الكبرى في البيت.

ولقد حماه الله سبحانه وتعالى في الإسلام، حتى إن النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما فتح مكة احترم أمنها فكان مناديه ينادي: من دخل داره وأغلق بابه فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن دخل البيت الحرام فهو آمن (١) ووصف يوم الفتح بقوله: " هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة، ويوم تكسى فيه الكعبة " (٢).

(وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) هذه آية لتعظيم الله سبحانه وتعالى شأن بيته المقدَّس، وحرمه الآمن إلى يوم القيامة، وذلك أنه


(١) صحيح مسلم: الجهاد والسير - فتح مكة (٣٣٣٢).
(٢) جزء من حديث رواه البخاري: المغازي - أين ركز النبي - صلى الله عليه وسلم - الراية (٣٩٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>