للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سبحانه فرض الحج إليه على من يستطيع، وجعله موضع المؤتمر الإسلامي الأكبر، كما قال تعالى: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأتِينَ مِن كُلِّ فَجًّ عَميقٍ).

والحج بالمعنى الشرعي هو القصد إلى أداء المناسك ونية العبادة به، وهو في أصل معناه اللغوي القصد المجرد إلى مكان معين، وتقرأ كلمة " حَجَّ " بفتح الحاء، وهي لغة أهل الحجاز وبها قرأ أكثر القراء، وبكسر الحاء وبها قرأ الكسائي وحفص (١).

وقوله تعالى: (مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا). بدل من (النَّاسِ)، فالفرضية العينية منصبة على من يستطيع دون غيره ولكن تصدير الكلام بإضافة الفرضية إلى الناس، ثم البدل منهم بالمستطيعين يدل على أن عامة المسلمين عليه فرضية عامة، وإن لم تكن كفرضية المستطيعين، وهذه الفرضية نفسرها بأمرين.

أولهما: بالتكليف العام الذي يدخل في عموم فروض الكفاية، بمعنى أن عامة المؤمنين عليهم أن يسهِّلوا تلك الفريضة على من يريدها ويستطيعها، ويبتغي بها مرضاة الله تعالى؛ فعلى ولي الأمر الذي يمثل جماعة المؤمنين أن يسهل هذه الفريضة لطلابها؛ وعلى جماعة المؤمنين أن يعملوا على إقامتها كل في طاقته وفي حدود قدرته.

وثانيهما: ما يقرره الفقهاء من أن أصل الوجوب ثابت ما دام الشخص مكلفا؛ ولكن وجوب الأداء هو الذي يشترط فيه الاستطاعة. فمن لَا يستطيع هذا العام قد يستطيع في قابل وهكذا.

والاستطاعة التي توجب فرضية الأداء هي الحد الأدنى من الاستطاعة، ولذلك قال النص الكريم: (مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا).


(١) حج البيت): قرأها بكسر الحاء عاصم وحمزة والكسائي وخلف - غير أبي بكر - ويزيد. وقرأ الباقون بالفتح. أغاية الاختصار - ص ٤٥١، وقوله: " وحفص " أي عن عاصم.

<<  <  ج: ص:  >  >>