للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واعتبر من يقتل في سبيلها شهيدا، كمن يقتل في الحرب، بل اعتبره في أعلى درجات الشهداء، فقد قال عليه الصلاة والسلام: " سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ثم رجل قام إلى إمام فأمره ونهاه في ذات الله تعالى فقتله على ذلك " (١).

وإن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وخصوصا للأمراء والحكام هو الذي أضاع المسلمين في الماضي، وأضاع بني إسرائيل قبلهم، ولقد روى في ذلك أحمد والترمذي وأبو داود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أن الرجل كان يلقى الرجل، فيقول: يا هذا اتق الله، ودع ما تصنع، فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض. كلا والله لتأمرُن بالمعروف ولتنهوُن عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم، ولتأطرنه على الحق أطرا، أو ليضربن بقلوب بعضكم على بعض ثم يلعنكم كما لعنهم " (٢).

وإن القيام بحق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يؤدي إلى الفلاح في الدنيا والآخرة، ولذا ذيل سبحانه وتعالى الآية بقوله تعالى:

(وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) أي أولئك الذين قاموا بهذا الواجب هم المفلحون، ولا يمكن أن يفلح سواهم ممن لم يقم بهذا الواجب، ففي النص قصر، أي نفي وإثبات، فهو يثبت الفلاح لهم، وينفي الفلاح عن غيرهم ممن لم يقم بهذا الواجب المقدس، فهو مناط عزة الأمة ورفعتها وقوتها وتقدمها، ونشر العدل والحق والإيمان في ربوعها، والإشارة هنا إلى الأمة كلها سواء اعتبرنا (مِن)


(١) سبق تخريجه.
(٢) رواه أبو داود: الملاحم - الأمر والنهي (٣٧٧٤). وبنحوه رواه الترمذي: تفسير القرآن - ومن سورة المائدة (٢٩٧٣)، وابن ماجه: الفتن - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (٣٩٩٦)، وأحمد: مسند المكثرين - مسند عبد ألله بن مسعود رضي الله عنه (٣٥٢٩).
والأطر: الرد، وأصله العطف والثني، لسان العرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>