للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولقد علم الله ما كان من المؤمنين والمنافقين من مناقشات عندما ساور المدينة المشركون في العام الثالث، وأرادوا أن يثأروا من الدماء التي أصابتهم في بدر، فقد جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه ليستشيرهم في الأمر، أيخرجون إليهم، أم يبقون حتى يجيء العدو إليهم في الديار، فقال بعض المؤمنين: (أقم يا رسول الله بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو قط إلا أصاب منا، ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فكيف وأنت فينا؟ فدعهم فإن أقاموا أقاموا بشر محبس، وإن دخلوا قاتلهم الرجال في وجوههم ورماهم النساء والصبيان بالحجارة، وإن رجعوا رجعوا خائبين). وعارض ذلك الرأي الأكثرون ممن لم يحضروا بدرا فقالوا: (اخرج بنا يا رسول الله إلى هؤلاء الأكْلُب لَا يرون أنَا قد جَبُنَا عنهم). وما زال لم ولئك الذين لم يحضروا بدرا بالرسول حتى نزل عند رأيهم، وقد كان إلى الأول أميل.

وتركهم وعاد إلى أهله ليلبس لأْمَةَ الحرب، فتلاوم المسلمون فيما بينهم، وقال قائلهم: بئسما صنعنا، نشير على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والوحي يأتيه؛ فلما جاء إليهم الرسول قالوا: اصنع يا رسول الله ما رأيت، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذو العزم: " ما كان لنبي لبس لأْمَتَه أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه " (١).

وقد خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ألف من أصحابه، وكان عدد المشركين ثلاثة آلاف، وكان مع المسلمين طائفة من المنافقين، على رأسهم عبد الله بن أبي ابن سلول، فرأى أن يحدث الخلل في الصفوف فرجع ومعه نحو ثلاثمائة ممن على شاكلته وضعاف الإيمان، وبرز تخاذله بأنه كان يرى ألا يخرج إليهم المؤمنون وأن يبقوا بالمدينة، ومنهم من زعم أنه لَا قتال، وقالوا: (لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَّاتَّبَعْنَاكُمْ. . .)،


(١) جاء في البخاري في ترجمة " بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَأمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ). وأحمد: باقي مسند المكثرين (١٤٢٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>