للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالمعنى أنهم أشركوا بالله أحجارا لم ينزل الله بها حجة مثبتة لصحة عبادتها، لأنه لَا دليل على سلامة هذه العبادة، ولا يوجد دليل قط يؤيدها.

ويصح أن يفسر السلطان هنا بمعنى القوة والتمكن، والمعنى على هذا أنهم أشركوا بعبادة الله تعالى أشياء لم ينزل أي لم يجعل فيها قوة تنفع وتضر، فهم يعبدون ما لا يملك نفعا ولا ضرا، ويشركونه في العبادة مع الذي يملك كل شيء، وهو الذي ينفع ويضر من غير شريك.

والسببية التي أشار إليها سبحانه وتعالى في قوله: (بِمَا أَشْرَكوا بِاللَّهِ) لها توجيهان:

أحدهما: أن الله تعالى يلقي الرعب في قلوبهم لأنهم عاندوا الله سبحانه، وحادوه، وأشركوا معه في العبادة، ولأنهم ينشرون بهذا التفكير الفاسد الشر والفساد في الأرض، والله تعالى لَا يحب الفساد، وهو ينصر الخير على الشر، والصلاح على الفساد، فالسببية هي إرادة الله تعالى التي بها قوام كل معوج وصلاح كل فاسد.

وثانيهما: أن السبب في إلقاء الرعب من حالهم هم، ذلك لأنهم يعبدون ما لا ينفع ولا يضر، ولا تقوم عندهم حجة ولا شبه حجة على صلاحية ما يعبدون للعبادة، ويكون الوهم هو الذي سيطر، والهوى هو الذي تحكم، ومن تتحكم فيه أهواؤه وأوهامه يكون مضطرب النفس مزلزل القلب تزعجه الكوارث، ويضطرب عند نزول أي حادث، فكان الشرك وتحكمه في النفس هو السبب في الرعب والخوف والفزع، إذ هم يخافون من غير مخوف، ويفزعون في غير مفزع.

تلك هي حال الكافرين الذين ناوءوا أهل الإيمان، كان سبحانه يلقي الرعب في قلوبهم، ويثبت قلوب المؤمنين، فهل هذه سنة أهل الإيمان مع المشركين وأشباههم دائما؟

والجواب عن ذلك: أنه شأن المؤمنين حقا وصدقا إذا لم يضعفوا ولم يذلوا، ولم يوالوا أعداء المؤمنين على المؤمنين، بل يأخذون الأهبة، ويغلبون الهدى على

<<  <  ج: ص:  >  >>