للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمشرعون، وفي أمور العمران يستشار أهل الهندسة، ولذلك تتألف اللجان في المجالس النيابية من أهل الخبرة في كل أمر من أمور العامة.

وفى الجملة فإن الشورى مطلب كالعدل، يجب تحققه من أقرب الوسائل إليه توصيلا، ولقد جاء في تفسير القرطبي ما نصه:

" والشورى بركة، وقال عليه الصلاة والسلام: " ما ندم من استشار، ولا خاب من استخار " (١) وروى سهل بن سعد الساعدي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ما شقي قط عبد بمشورة، وما سعد باستغناء رأي " (٢).

وإنه يجب أن نعلم حقيقتين ثابتتين:

أولاهما: أن الشورى إحساس نفسي من الحاكم يدفعه إلى طلب أمثل الطرق للحكم وتحقيق العدالة والمصلحة، فإن لم يكن في الحاكم ذلك الخلق، فإنه لا ينتفع بأي نظام للشورى مهما يكن، وإذا لم يكن المستشار يحس بأن إبداء القول في الشورى واجب عليه وليس مجرد حق له فإنه لَا يمكن أن يكون من رجال الشورى.

ثانيهما: أنه لَا يعادي الشورى من الحكام إلا أحد اثنين إما رجل قد أصابه داء الغرور، فظن أن قوله الحق الذي لَا يخالطه باطل، وإما رجل يخاف من اطلاع الناس حتى لَا يظهر شيء من أموره.

والمشاورة لها وقت معلوم، وهو وقت الدراسة والفحص، فإذا تمت المشاورة وجب الأخذ بالعزيمة في الأمر والإقدام على العمل، ولذا قال سبحانه بعد الأمر بالشورى: (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ).


(١) جاء في مجمع الزوائد: ج ٨ ص ١٨١ (٧٥٣١) عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " مَا خَابَ مَنِ اسْتَخَارَ، وَلاً نَدمَ مَنِ اسْتَشَارَ، وَلاً عَالَ مَنِ اقْتَصَدَ ". رواه الطبراني في الأوسط والصغير من طريق عبد السلام بن عبدَ القدوس، وكلاهما ضعيف جداً.
(٢) القضاعي في مسند الشهاب: ج ٢، ص ٦ (٧٧٣) عن سهل ابن سعد الساعدي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما شقي عبد قط بمشورة، وما سعد باستغناء برأي، يقول الله تعالى -. (وشاورهم في الأمر) وقال تعالى (وأمرهم شورى بينهم).

<<  <  ج: ص:  >  >>