وإن هؤلاء قد زعموا أن القعود دافع للموت مانع من نزوله، فإن كان في إمكانهم بقعود أو نحوه أن يدفعوه فليدفعوه إذا جاء إن كانوا صادقين في هذا الزعم الذي زعموه، والمؤدى أن الموت إذا جاء الأجل ليس له من دفاع، فلا ينجي منه القعود، ولا ينزله الخروج، فَزَعمُهُم بأنهم كانوا ينجون لو لم يخرجوا زعم باطل، وإن كانوا صادقين فليدفعوه إذا نزل.
اللهم اجعل لنا في الموت عبرة، واجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم لقائك يارب العالمين.
ما زالت النصوص الكريمة في ذكر أعقاب غزوة أُحد التي كانت أبلغ درس إسلامي للغزاة خاصة، وللمؤمنين عامة، وقد كانت المسبار (١) الذي سبرت به النفوس، وتكشفت به قلوب المؤمنين، وأظهرت قلوب المنافقين، ولقد كانت عباراتهم فيها شماتة بأهل الإيمان، وقد بين اللَّه سبحانه وتعالى في هذه الآيات ما ناله أهل الشهادة باستشهادهم، وما هم عليه من روح وريحان، وما يستقبلونه من جنات النعيم، وقد بين في هذه الآيات الكريمة ما أعده الله سبحانه للمؤمنين
(١) سبر الجرح: نظر ما غوره، والمسبار ما يسبر به الجرح. الصحاح. والمعنى هنا الكشف عن أغوار النفوس.