للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالشرك يتضمن الكذب على الله تعالى بادعاء شريك له تعالى، ويتضمن ظلما؛ لأنه اعتداء على المستحق للعبادة وحده، وهو فساد في النفوس. و (افترى) هنا تضمن قولا كذبا، وفعلا ظالما، وتضمن أعظم ذنب في الوجود؛ لأنه اعتداء على رب العالمين. وقد يقول قائل إن الافتراء أكثر ما يكون باللسان، فكيف يقال " فقد افترى إثما عظيما "؟ والجواب عن ذلك أن الافتراء بالنسبة للشرك لما تضمنه من أفعال، اعتبر في ذاته ارتكابا لأعظم ذنب في الوجود. اللهم جنبنا الشرك ما ظهر منه وما خفي، واجعلنا من عبادك المخلصين.

* * *

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (٤٩) انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا (٥٠) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (٥١) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (٥٢) أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا (٥٣)

* * *

كانت الآيات السابقة تدعو أهل الكتاب إلى الإيمان، وتذكرهم بعاقبة الكفر، وهي الذل في الدنيا والخزي في الآخرة، واللعن من الرحمن، والهوان.

وبين سبحانه وتعالى لهم ولغيرهم أن باب التوبة والمغفرة مفتوح لكل من يذعن لرسالة الله تعالى، ولا يكفر بها، وذلك لكيلا يسرفوا على أنفسهم، ويوغلوا في معاصيهم. وفي هذه الآيات يبين سببا من أسباب ضلال اليهود ومن على شاكلتهم، فقال تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>