للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونلاحظ هنا أمرين:

أحدهما - أن القرآن الكريم يصرح بأن ولاة الأمر الذين تجب طاعتهم يجب أن يكونوا من المؤمنين، ولذلك يقول سبحانه " منكم "، فلا طاعة مطلقا لمن يغلبون على شئون المسلمين ممن ليسوا من أهل الإيمان، فأُولئك المنحرفون من بعض أهل الهوى الذين يزعمون أنهم مسلمون، ويزعمون أن الإنجليز أيام حكمهم كانوا من ولاة الأمور الذين يوجب النص طاعتهم - قد ضلوا ضلالا بعيدا، وهم بهذا وبغيره خارجون عن حكم الإسلام.

ثانيهما - أن الله قرن طاعة أولي الأمر بطاعة الله ورسوله، فوجب أن تكون طاعتهما من جنس طاعة الله تعالى ورسوله، بأن تكون في سبيل العدل، ولا تخرج عن حدوده. وإنه باقتران هذه الآية بالآية السابقة يستبين أن ولاة الأمر الذين تجب طاعتهم هم العادلون؛ لأن الأولى أوجبت العدل، والثانية أمرت بالطاعة، فلو كانوا غير عدول لكانت الطاعة مسايرة لهم على الظلم. وقد نهينا عنه. ولقد قال الزمخشري في هذا المقام ما نصه:

" المراد بأولي الأمر منكم أمراء الحق، لأن أمراء الجور - الله ورسوله بريئان منهم - فلا يُعطفون على الله ورسوله في وجوب الطاعة لهم، وإنما يجمع بين الله ورسوله والأمراء الموافقين لهما في إيثار العدل، واختيار الحق، والأمر بهما، والنهي عن أضدادهما، كالخلفاء الراشدين. وكان الخلفاء يقولون: أطيعوني ما عدلت فيكم، فإن خالفت فلا طاعة لي عليكم.

وعن أبي حازم أن سلمة بن عبد الملك قال: ألستم أُمرتم بطاعتنا في قوله تعالى: (وَأولِي الأَمْرِ مِنكمْ) قال: أليس قد نُزِعَتْ عنكم إذا خالفتم الحق بقوله: (فَإِن تَنَازَعْتمْ فِي شَيْء فَردُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسولِ). وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>