للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، هلكت! قال: " وما الذي صنعت، مرة أو مرتين "؛ فأخبره بالذي صنع، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " فهلا شققت عن بطنه، فعلمت ما في قلبه. . . فلا أنت قبلت ما تكلم به ولا أنت تعلم ما في قلبه "!. (١)

ويروى مثل، ذلك بالنسبة لأسامة بن زيد، فقد قتل رجلا نطق بالشهادتين، فلامه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال أسامة: لقد قالها تحت حرِّ السيف، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " هلَّا شققت عن قلبه " (٢)!.

ولعل وقائع قد وقعت من هذا الصنف، والقتال شديد، وقد حمي الوطيس، فجاء الأمر الكريم بالتثبت.

وليس النطق بالشهادتين فقط هو الذي يحقق الدم، بل إعلان السَّلام وحده كاف لمنع القتل، ولذا قال سبحانه:

(وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا) السلام معناه الأمن، وقد أطلق على اللفظ الذي يدل عليه، وهو تحية الإسلام: " السلام عليكم ". وأطلق على استسلام العبد لربه. و " ألقى السلام "، معناه: قاله، أو قدمه. والنص الكريم جاء للنهي عن قتل من ألقى السلام وقدمه بالاستسلام، سواء أكان مؤمنا، أم غير


(١) سنن ابن ماجه: الفتن - الكف عمن قال لَا إله إلا الله (٣٩٣٠) عن عمران بن حصين رضي الله عنه.
(٢) عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - وَهَذَا حَدِيثُ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ - قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ، فَصَبَّحْنَا الْحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ، فَأَدْرَكْتُ رَجُلًا فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَطَعَنْتُهُ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَقَتَلْتَهُ؟» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ السِّلَاحِ، قَالَ: «أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لَا؟» فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ، قَالَ: فَقَالَ سَعْدٌ: وَأَنَا وَاللهِ لَا أَقْتُلُ مُسْلِمًا حَتَّى يَقْتُلَهُ ذُو الْبُطَيْنِ يَعْنِي أُسَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: أَلَمْ يَقُلِ اللهُ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: ٣٩]؟ فَقَالَ سَعْدٌ: قَدْ قَاتَلْنَا حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ، وَأَنْتَ وَأَصْحَابُكَ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَةٌ ". [رواه مسلم: الإيمان - تحريم قتل الكافر بعد أن قال لَا إله إلا الله (٩٦)، وبنحوه البخاري: الديات (٦٨٧٢)، كما رواه أبو داود: الجهاد - على ما يقاتل المشركون (٢٦٤٣)، وأحمد: مسند الأنصار - حديث أسامة بن زيد (٢١٢٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>