للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في هذا النص الكريم إشارة إلى السبب في صلاة الخوف، وهو ترقب العدو لحال المسلمين، عساهم يجدون منفذا ينفذون منه إلى صفوفهم، أو ثغرة يدخلون منها، أو غفلة ينتهزونها، فكان الحذر أن تسد عليهم كل المنافذ التي ينفذون منها لتحقيق مآربهم، فلا يصح للمسلمين أن يغفلوا بالعبادة عن الجهاد، ولا يتركوا العبادة.

ومعنى: (وَدَّ الذِينَ كفَرُوا) تمنى الذين كفروا، وهم أعداؤكم الذين نصبوا راية العداوة لكم، أن تأخذكم الغفلة عن أسلحتكم التي بها شوكتكم وقوتكم، وعن أمتعتكم التي فيها زادكم وبها تستمرون على القتال من غير أن يصيبكم جوع أو عُري. وأنهم يريدون هذه الغفلة ليميلوا بقوتهم وَكَلكِلِهم عليكم، فيكونوا ثقلاء الوطأة، ويضربونكم الضربة القاصمة الفاصلة، فيما يتوهمون ويزعمون! وهذا معنى قوله سبحانه: (فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً)، أي يثقلون الوطأة عليكم ويضربونكم الضربة المستأصلة في زعمهم ووهمهم!!.

وفى هذه النصوص كلها نجد الأمر المتكرر بوجوب أخذ الأهبة دائما، وحمل السلاح باستمرار. ولكن قد يتعسر حمل السلاح، وهنا يرخص في عدم حمله، مع أخذ الحذر، بحيث يكون في مكان قريب، كي يعمل عند أول صيحة، ولذا قال سبحانه:

(وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ) لَا إثم عليكم في أن تضَعُوا أسلحتكم في أغْمِدَتِها، إذا كان في الميدان مطرٌ شديد يعوق استعمالها ولقاء الأعداء، فإنها إن لم توضع تعرضت للصدأ، ووراء ذلك تلفها، والاحتياط لسلامتها في الميدان واجب، وكذلك من يكون به مرض يغمد سلاحه حتى يستطيع استعماله، فإن تركه من غير استعمال يفسده، فلا يصلح عند وجوبه، وقوله تعالى: (أَوْ كُنتُم مَرْضَى) الخطاب للجميع، ويراد به البعض من وجه؛ لأنه يبعد أن يكون جميع الجيش مريضا، فالله تعالى يرخص للمريض في أن يدع القتال حتى يشفى، فليس على المريض

<<  <  ج: ص:  >  >>