للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخوف من يخافه على أمته (١)، فعناية المنافق بالقول الذي يستر به عمله هي الجزء الأكبر من تدبيره، وإن عمل الليل سهل، ولكن إخفاءه بزخرف القول صعب عند ظهور آثاره. وفوق ذلك فإن القول إذا كان لَا رضى، فالعمل أبعد عن الرضا.

وقد عبر سبحانه عن فعلهم وقولهم بأنه لَا يرضاه، للإشارة إلى مقته لهم، وحسابهم عليه. وإذا كان الله تعالى عليما بما لَا يرضى من القول علم من يصاحبهم عند التدبير والتبييت، فهو بعملهم عليم أيضا، وهو أيضا لَا يرضى عنه، ولذا قال سبحانه:

(وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا) فإذا كان الله تعالى مصاحبهم في قولهم الذي لَا يرضيه، فهو محيط دائم بكل عملهم إحاطة الدائرة بقطرها، لَا يغيب عنه شيء، ولا يعزب عنه مثقال ذرة منه. والتعبير عن علم الله تعالى لأعمالهم بالإحاطة، فيه إشارة إلى أمور ثلاثة: أولها - أن علمه كامل لَا ينقصه شيء، فهو علم إحاطة واستغراق. وثانيها - أن الله معاقب بقدر ما ارتكبوا. وثالثها - أن الله واضع أعمالهم في دائرة، فلا يمكن أن يصل إلى أهل الحق أذاهم؛ لأن الله محيط بهم وبما يعملون:

* * *


(١) عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمِ اللِّسَانِ. رواه أحمد: مسند العشرَة - أول مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>