للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منه بعض أشياء بها أو لدمامتها وإما سنها وكبرها، أو غير ذلك من أمورها، والإعراض ألا يؤنسها، وأن يصرف عنها وجهه. وقد قال بعض العلماء: إن الفرق بين النشوز والإعراض أن النشوز تباعد، والإعراض انصراف الوجه وعدم الأنس بها مع القرب منها ".

وإن المرأة إذا لَا حظت ذلك من زوجها لَا تقابل النشوز بمثله ولا الإعراض بالصد، فإن ذلك يوسع الهوة بينهما ويفك الأسرة، وينتهي الأمر إلى شقاق لا لقاء بعده، وإن العلاج في هذه الحالة نفسي يختلف باختلاف قوة النفرة، فإذا كانت لم تستحكم ويمكن أن يتوليا علاجها كان عليهما دينا أن يوليا العلاج، وإذا كان مع النفور خصام كان لَا بد من تدخل الغير، لإصلاح ذات البين، وإذا استحكمت النفرة، ولا سبيل للإصلاح فالافتراق، فهذه ثلاثة أنواع. وقد ذكر سبحانه وتعالى علاج المرتبة الأولى، فقال:

(فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْح خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ) ففي هذه المرتبة يكون الواجب الديني على المرأة والرجل أن يعملا بأنفسهما على إصلاح ما بينهما، فتتطامن المرأة للعاصفة ويقرب الرجل امرأته إليه، ويترك شِماسَه (١) وإعراضه، ويتطامن لأهله، ويعلم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي " (٢)، وإن التطامن من الرجل لزوجه لتكون العشرة على مودة ورحمة هو عين العزة، فالكريم لَا يذل أهله والذليل هو الذي يهين أهله، وقد لوحظ في التعبير أمور ثلاثة.

أولها - أنه عبر عن طلب الصلح بقوله تعالى: (فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يصْلِحَا بَيْنَهُمَا) وذلك ترفق في الإيجاب، فعبر عنه بنفي الإثم لكيلا يتوهم أحدهما أن في التساهل عن بعض حقه إثما. والصلح يقتضي أن يتسامح أحد الفريقين في


(١) الشِّماس: العداوة الظاهرة والعناد. [لسان العرب - شمس].
(٢) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>