للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جزء من حقه؛ لينال خيرا أكثر مما تسامح فيه، فإذا تركت المرأة بعض حقها لتدوم العشرة بالمعروف فذلك لَا إثم فيه. بل فيه الخير.

ثانيها - أنه أكد الصلح بقوله " صلحا " للإشارة إلى أن الصلح في هذا المقام لا يكون صلحا ظاهرا، بل يكون نفسيا، بحيث تتلاقى القلوب وتصفو النفوس، ويحل الوئام محل الخصام، فليس الصلح في هذه الحال إنهاء لمشكلة فقط، بل هو تلاقي القلوب على المودة والرحمة.

ثالثها - أن الله تعالى أكد الصلح بقوله تعالى أولا " والصلح خير " أي أنه في ذاته خير يعم الطرفين؛ مَن تسامح يناله من الخير بمقدار ما تسامح أو بأضعاف ما تسامح، فهو قد أعطى ليأخذ وتساهل لتلزم ولتدوم نعمة الزوجية.

وأكد سبحانه الصلح بدعوة الزوجين ألا يشح أحدهما بالعطاء لرفيقه، ولذا قال تعالى: (وَأُحْضرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ) والشح هو البخل، وهو هنا التشاح النفسي بأن يلتزم كل واحد من الزوجين موقفه متمسكا بحقوقه الشكلية، ومعنى قوله تعالى (وَأُحْضرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ) أن الشح جُعل حاضرا لَا يغيب عنها ولا تنفك عنه كأنها مطبوعة عليه، وعلى المتصالحين اللذين يريدان التصافي أن يلاحظا هذا ويعالجاه، فهو الداء، وإذا عرف سهل الدواء، وما دام الصلح كاملا يجب اجتثاث الشح الحاضر، ليكون الصفاء الدائم.

وأكد سبحانه وتعالى طلب الصلح ثالثا بقوله تعالى: (وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) في هذا النص الكريم علاج لشح النفس إذا حضر، ولوقوف كل في الجانب الذي يحفظ به حقوقه، ولا يتحرك، فإن العلاج لهذه الحال هو الإحسان، فليكن محسنا بدل أن يكون مُلحفا، فإذا كان الإحسان ذهب التشاح، والعلاقات في الأسرة لَا تبنى على الظاهر، بل تبنى على القلوب، والقلوب لَا يطهرها إلا تقوى الله في المعاملة، إذ إن المعاملة الطيبة، والإحسان وزيادة العطف وتقوى الله هي البلسم الشافي من الشح النفسي الذي يعتري ما يكون بين الزوجين.

<<  <  ج: ص:  >  >>