للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صرح النبوَّة واحد " (١)، الرسالة المحمدية آخر جزء لذلك الصرح الشامخ، وبها

تمامه وكماله.

ومعنى النص السامي: يا أيها الذين أذعنوا للحق وطلبوه، وصدقوا به اجعلوا إيمانكم مستقرا وثابتا بالله جلّ جلاله، وبرسوله الذي جاء بشيرا ونذيرا وبالكتاب الذي نزَّله منجما مقسطا، وهو القرآن، وبالكتاب الذي أنزل من قبل. والمراد جنس الكتب السابقة، لَا واحد منها.

ونرى أن النص الكريم فيه أجزاء الإيمان التي يلازم بعضها بعضا، ولا ينفصل واحد منها عن باقيها، فهي كل لَا يقبل التجزئة، ولا يمكن أن يتحقق معناه إلا باتصاله بعضه ببعض.

وأول عناصر الإيمان هو الإيمان بالله سبحانه وتعالى. وذلك باعتقاد أنه واحد أحد فرد صمد، فوق كل شيء وليس فوقه شيء، ليس كمثله شيء، منفرد وحده بالألوهية، فهو الواحد في ذاته وصفاته، وهو الواحد في خَلْقه وتدبيره، فهو خالق كل شيء؛ وهو القادر على كل شيء، وهو القاهر فوق عباده، وهو الواحد في استحقاقه للعبادة، فلا يعبدُ بحق سواه.

هذه إشارات إلى معنى الإيمان بالله الرحمن الرحيم ذي الجلال والإكرام.

وإن الإيمان بالله تعالى على ذلك النحو يقتضي الإيمان بأن رحمته توجب ألا يترك الناس هملا يضلون، ولا يهتدون، ولا يقومون بحق الطاعة، بل لَا بد من بشير ونذير، ومن يكون رحمة للعالمين، فلا بد من الرسل يرسلهم، وكان حقا على الذين يدركون رسولا أن يؤمنوا به، فكان حقا على الذين أدركوا محمدا أن


(١) في معناه ما رواه البخاري: المناقب - خاتم النبيين (٣٥٣٥)، ومسلم: الفضائل - ذكر كونه - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين (٢٢٨٦) وغيرهما عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِنَّ " مَثَلِي وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ، إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ، وَيَعْجَبُونَ لَهُ، وَيَقُولُونَ هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟ قَالَ: فَأَنَا اللَّبِنَةُ وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>