للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يؤمنوا به، ويكون المراد من رسوله هنا محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، وذلك واضح من الإفراد ومن تكرار كلمة الرسول مقترنة بالكتاب الذي يُنَزَّل تنزيلا.

والكتاب الذي نُزَل على رسوله هو القرآن الكريم، وقد ذكر التعبير عن نزوله بـ (نَزَّلَ) للإشارة إلى نزوله منجما، وأنه لم ينزل جملة واحدة، وأنه كان لا يزال ينزل وقت هذا الخطاب القدسي، ومعنى الإيمان بالكتاب الإيمان بأنه حق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأنه من عند الله العليّ الحكيم، وأنه كلامه سبحانه وتعالى. وأن كل ما فيه من أخبار صادق، وما فيه من أحكام واجبة الطاعة. وأنه حجة الله الخالدة، وأنه حبل الله - تعالى - الممدود إلى يوم القيامة، وأنه محفوظ بحفظه، لَا يعتريه تغيير ولا تبديل، لأن الله تعالى قد وعد بحفظه، وهو صادق، وأنه ما حاربه جبار إلا قصم الله تعالى ظهره.

والكتاب الذي أنزل من قبل هو كتب النبيين السابقين التي أنزلها الله - تعالى عليهم، ومعنى الإيمان بها التصديق برسالات الأنبياء الذين ذكرهم الله تعالى، وذكر فيها كتبهم، وذكر بجوارها أنها أنزلت، لأنها قد مضت وانقطع نزولها.

وعبر عنها بالفرد دون الجمع، للإشارة إلى تصديق معناها الجامع لها، وهو أنها رسالات الله تعالى إلى أهل الأرض، وهو معنى لَا يتغير، بل يشير إلى الوحدة.

وقد يقول قائل ما معنى أمر أهل الإيمان بالإيمان، ألا يكون في هذا تحصيل حاصل، وأمر بما هو كائن؟ لقد أجاب المفسرون عن ذلك بأن المراد بالأمر في قوله " آمِنوا " اثبتوا على إيمانكم واستمروا عليه، ولا تتحولوا عنه، فالأمر أمر بالثبات والدوام.

ويصح أن نقول مع ما قاله المفسرون إن الحال التي عليها المؤمنون حال إذعان وتسليم وتصديق، والأمر بالإيمان مع هذه الحال التي هم عليها واستنارت قلوبهم بها بيان لأجزاء الإيمان، وأركانه وأصوله ومعانيه المتلازمة، فلا يفرقون بين

<<  <  ج: ص:  >  >>