للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما الرضا فمعناه بالنسبة للذات العلية أن يكون العمل أو القول محل قبوله سبحانه وتعالى والمجازاة عليه، ولذلك يتصور أن يفعل العباد ما يغضبون الله به سبحانه وتعالى، وقد جاء في القرآن الكريم عبارات سامية صريحة بأن الله تعالى يغضب على عباده لأفعال فعلوها، وأن الله تعالى لَا يرضى عن بعض أفعال عباده، فلا يرضى من عباده الكفر، والرضا لَا يكون إلا لأعمال المتقين وهو أعلى أنواع الثواب الذي يثيب الله تعالى به عباده، ولذلك قال سبحانه بعد ذكر نعيم الجنة: (. . . وَرِضْوَانٌ منَ اللَّهِ أَكْبَرُ. . .).

والحبة مرتبة فوق الرضا، أو هي أبلغ الرضا، وقد وعد الله تعالى أهل الإيمان الحق الصادق بأنهم ينالون محبته، وهي أقصى درجات الرضا.

ومع أن المحبة من الناحية الإيجابية أقصى درجات الرضا، هي من الناحية السلبية، تكون في مرتبة الغضب، فمعنى (لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ). أن الله تعالى يبغض الجهر بالكلام الذي هو سوء في ذاته، ويسيء الناس، ويؤذي الفضيلة، فإن ذلك إعلان سيئ الأعمال، وقبيح الأقوال.

والجهر معناه النطق به في إعلان لَا خفاء فيه؛ ونشر هذا الكلام بين الناس، وإذاعته بين ربوعهم.

والمعنى الإجمالي للنص السامي أن الله تعالى يبغض الجهر بالأمر السَّيئ أو الأفعال السيئة. وكل إعلان للمنافق والفاجر من الجهر بالأمر المسيء هو من قبيل الجهر بالسوء من القول، فـ " مِنْ " هنا بيانية وهي بيان لنوع السوء بأنه من القول، وذلك يشمل كل إعلان للأعمال القبيحة، والترامي بها، فيشمل القذف والسباب وإعلان المعاصي والجرائم، وتفصيل القول فيها من غير حاجة إلى بيانها، ولا إقامة حق في إعلانها، فإن ذلك كله من سوء القول وفاحشه.

وإن الإسلام في سبيل تكوين رأي عام مهذب نهى عن إعلان الآثام والمفاسد الشخصية، ولقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " أيها الناس من ارتكب شيئا من هذه القاذورات،

<<  <  ج: ص:  >  >>