بالمسيح حقا وصدقا، والاطمئنان إلى حكم العقل خير من حيرة الوهم والشك، وفى انتهائهم رضا الله والجزاء في الآخرة.
(لَّه مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكفَى بِاللَّهِ وَكيلًا) أي أن المعبود بحق ليس إلا واحدا، وهو الله تعالى ذو الجلال والإكرام، ووحدانيته تكون في الذات والصفات والعبودية، فليست ذاته الكريمة كذات المخلوقات، وهو وحده سبحانه الجدير بالعبودية والألوهية فلا معبود سواه، وهو وحده الخالق للكون، وقد تنزه سبحانه عن أن يكون له ولد، لأن هذه صفات المخلوقين، وذاته تعالى واحدة ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، لأن كون أحد ولده يقضي الاتصال بالمخلوقين ويكون مثلهم، وهو الخالق لهم ولكل شيء، فكيف يكون المخلوق ولدا. وكيف يكون البشر متولدا من الله تعالى الخالق له المنشئ المكون المربي، ولذا قال سبحانه وتعالى:
(لَّه مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكفَى بِاللَّهِ وَكيلًا) كل ما في السماوات من بروج ونجوم وكواكب، وما في الأرض من أحياء على ظهرها، ومعادن وفلزات وكنوز في باطنها، وما في البحار من أحياء، ومن جواهر ولآلئ، هو ملك لله تعالى، فعيسى ابن مريم وأمه وغيرهما مملوكان لله تعالى:(إِنْ كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا). والله سبحانه هو المدبر للكون الذي وكل إليه أمره، ولذا قال سبحانه وتعالى:(وَكفَى بِاللَّهِ وَكيلًا) أي أن الله تعالى هو الذي قد وكل إليه أمر الكون، وتدبيره ظاهره وباطنه، وما ظهر منه للناس، وما خفي عليهم، وكفى بالله وكيلا ليستقيم الأمر فيه، وليسير على سنن مستقيم لَا اضطراب فيه ولا اختلاف. اللهم أنت بديع السماوات والأرض لا نؤمن إلا بك، ولا نعبد إلا إياك، ولا نرجو الخير إلا منك، اللهم إنك أنت مانح النعم ومجريها، ولا يرجى سواك.