بالحسنة الحسنى وبالسيئة السوءى والأمر الثاني أنه إذا كان جهاد، فالله تعالى معهم مؤيدهم بنصره، إن اعتزموا ونصروه.
وقوله تعالى:(وَقَالَ اللَّهُ إِنِّى مَعَكُمْ) ذكر القول ونسبته إلى الله سبحانه وتعالى، وذلك فضل تأكيد بالمعية والمصاحبة، والمراقبة والمناصرة؛ لأن الله تعالى هو الذي أخبر بذلك عن نفسه.
(لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا) هذا بيان الميثاق الذي واثقهم الله تعالى به، وقد ذكره سبحانه وتعالى مؤكدا بالقسم فضل تأكيد، إذ إن التأكيد بالقسم تبعه لغة التأكيد باللام، والتأكيد بالنون التي تدخل هي واللام في الجواب، وهو هنا قوله تعالى:(ولأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ).
وقد فهم بعض المفسرين أن قوله تعالى:(لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ) داخل في مقول القول في قول الله تعالى: (وَقَالَ اللَّهُ إِنِّى مَعَكُمْ) فيكون ذلك خير تأكيد للعهد بالنسبة لله تعالى، وهو جواب القسم، وعندي أن هذا النص استئناف بياني فيه بيان موضوع الميثاق، فهو عهد بين العبد وربه، كان الالتزام على بني إسرائيل، هو ما اشتمل عليه النص الكريم، وما وعد الله تعالى هو ما جاء في قوله سبحانه:(لأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ).
والالتزام الذي أوجبه ميثاق الله تعالى عليه يتصل بتهذيب النفوس، والتعاون الاجتماعي، والجهاد والإيمان، وقد ذكره سبحانه وتعالى في خمسة أركان:
أولها: ما قاله سبحانه في صدر العهد: (لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ) فالصلاة هي الركن الأول من الميثاق الرباني الإلهي، وابتدئ بذكرها، لأنها طهارة النفوس، وتزكية القلوب، وبها تربية الضمير الذي يكون جماعة مؤتلفة، وإقامتها تنهى عن الفحشاء والمنكر وتربي في النفس روح الخير، والإحساس بعظمة الله تعالى، ولا يمكن أن يكون الوفاء بالميثاق الإلهي من غير إقامة الصلاة؛ فإنها ركن كل دين