للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروح التدين الصحيح وقوامه، وعبر بإقامتها دون أدائها، فقد قال: (لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ)؛ لأن الصلاة التي تأتي بثمراتها هي الصلاة الكاملة، التي يأتي بها صاحبها مقومة غير ملتوية يتجه فيها بالنية إلى الله تعالى، ويخلص فيها، لَا التي تكون رئاء الناس، أو تؤدى على وجه العادة، لَا على وجه العبادة.

الركن الثاني: من أركان ميثاق الله تعالى على بني إسرائيل، وهو ميثاقه على خلقه عامة لَا على بني إسرائيل، هو إيتاء الزكاة، وإذا كانت الصلاة تربية القلوب وتهذيب الوجدان ليندمج المؤمن في جماعته، فالزكاة فريضة تعاونية لسد خلة الضعفاء، ولإيجاد تعاون بين الغني والفقير، فلا يكون الغني مملوء الجيب، والبطن، والفقير فارغ الجيب، أخمص البطن، فهي التعاون الكامل، وهذا يدل على أن الزكاة ليست في الإسلام فقط، بل هي في كل الأديان السماوية، وهي جزء منْ الميثاق الديني في كل الرسالات السماوية، فليس لأهل دين سماوي أن يفر منها باسم أنها ليست في دينه، وإذا كانت النظم تختلف أحيانا في بعض الشرائع عنها في الآخر، فالأصل ثابت وهو مشترك في الجميع، ولعل الصلاة أيضا قد تختلف أشكالها، ولكن لبها ثابت في الجميع، وليس لأهل دين أن يغير في أمر الله تعالى.

الركن الثالث: ذكره الله سبحانه وتعالى بقوله: (وَآمَنتم بِرُسُلِي) والإيمان بالرسل معناه: الإذعان والتصديق، فمن ميثاق الله تعالى على بني إسرائيل وغيرهم الإيمان برسل الله تعالى بتصديقهم، والإذعان لَا يدعون إليه فلا يقبلون لبعضهم البعض، ويرفضون الآخرين، فيؤمنون ببعض الكتاب، ويكفرون ببعض؛ لأن رسالة الله واحدة، ورسل الله تعالى جاءوا جميعا بشرع واحد في أصله، وإن اختلف في بعض فروعه، وقد أضاف سبحانه وتعالى الرسل إليه، فقال: (وَآمَنتُم بِرُسُلِي) لتأكيد معنى رسالة هؤلاء الرسل، وللإشارة إلى أن عدم الإذعان لهم، والتصديق بهم تمرد على الله تعالى، وتكذيب، فمن يطعهم فقد أطاع الله تعالى، ومن يعصهم فقد عصاه سبحانه، فإضافة الرسل إليه سبحانه وتعالى لتعظيم شأن رسالاتهم، وبيان آثار طاعتهم ومغبة عصيانهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>