للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الواضح بإذن الله تعالى وبعلمه وتقديره، فالإذن هنا معناه العلم والإرادة، أي أن ذلك الإخراج من ظلمات الضلالة إلى نور الهدى بعلمه تعالى وإرادته، وإرادته لا تكون إلا على مقتضى حكمته في خلقه، وهو العزيز الحكيم، اللطيف الخبير، السميع البصير، تعالت أسماؤه الحسنى.

وقد ذكر الله سبحانه وتعالى الضلال بالجمع والنور بالإفراد؛ وذلك لأن طرق الشيطان مختلفة، وكل طريق منها ظلمة في ذاته، فالشرك ظلمة، والبغضاء ظلمة، والمعصية ظلمة، وأكل مال الناس بالباطل ظلمة، ووأد البنات ظلمة، واسوداد الوجه بالكآبة عند ولادة المرأة ظلمة، والظلم ظلمات قد تعددت فنونه، وتباينت أقسامه والنور والقرآن والهدى المحمدي هو الذي يكشف هذه الظلمات، وينير الطريق للخروج، بإذن الله تعالى وعلمه وإرادته يخرجهم النور من هذه الظلمات المتكاثفة.

وأما الثالث - فقد قال تعالى: (وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرِاطٍ مسْتَقِيم) والمعنى أن الله تعالى يهدي طالب إلى طريق مستقيم لَا التواء فيه، والهداية في الحقيقة من الله تعالى، فهو الذي يهدي ويرشد، والمهتدي هو من يطلب الحق إرضاءً لله تعالى، ونسبت الهداية إلى القرآن؛ لأنه الذي اشتمل على ما فيه الهداية من أحكام، وفضائل، وبيان لمعنى الرسالة الإلهية؛ ولأنه هو المعجزة الكبرى للنبي - صلى الله عليه وسلم -، والطريق المستقيم هو دين الله تعالى القيم، دين التوحيد، دين الإسلام والتسليم والتفويض لله تعالى بعد القيام بالعمل، وهو دين الخير في الدنيا والآخرة، فمن اتبعه فقد رشد، ومن تركه فقد ضل، وهو وإن تعددت أنواع العمل طريق واحد موصل للغاية من أقرب اتجاه، وهو طريق الله تعالى، وقد قال تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٥٣). [الأنعام (١)]

اللهم اهدنا صراطك المستقيم.


(١) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنا عنْدَ النبِي - صلى الله عليه وسلم - فخَط خَطًّا وَخَط خَطين عَنْ يَمِينِهِ وَخَط خَطيْنِ عَنْ يَسَاره، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ فِي الخَط الأوسَط ققَالَ: " هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ " ثمَ تَلا هَذِهِ الآيَةَ: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ). رواه ابن ماجه: المقدمة - اتباع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>