للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أسماء، ولا يسمونه الكلمة، وهي مقالة بولس الشمشاطي بطريرك أنطاكية وأشياعه، ومنهم من كان يقول: إنهم ثلاثة آلهة لم تزل صالح وطالح وعدل بينهما، وهي مقالة مرقيون اللعين وأصحابه، وزعموا أن مرقيون رئيس الحواريين، وأنكروا بطرس، ومنهم من كان يقول بألوهية المسيح، وهي مقالة بولس الرسول ومقالة الثلاثمائة وثمانية عشر أسقفا ".

وذكر فكرة أرتوس، وكانت شائعة، وهي إنكار ألوهية المسيح، والإيمان بالوحدانية، واختار قسطنطين من (٢٠٤٨) الثمانية والأربعين والألفين عدد (٣١٨) الذين قالوا بألوهية المسيح، وبذلك ساد هذا القول بسلطان قسطنطين.

وإن ذلك القول بلا ريب باطل، فالله سبحانه وتعالى هو الخالق، وهو الذي يحى ويميت، وقد أمر الله نبيه بالرد عليهم بأمر محسوس.

(قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا) أمر الله تعالى رسوله محمدا - صلى الله عليه وسلم - أن يرد عليهم ادعاءهم، بإثبات القدرة لله تعالى، فإن صفة الله الذي يعبد لأجلها أساسها القدرة على الإنشاء وعلى الإفناء من غير قيد يقيدها ولا مانع يمنعها، فإذا كان المسيح لَا يملك أن يدفع عن نفسه الإعدام، فهو أولى بألا يستطيع الإنشاء ولا الإفناء.

والمعنى: قل لهؤلاء الذين يدعون الألوهية للمسيح: من يملك من دون الله أمرا يستطيع أن يمنعه سبحانه بأي قدر من قدرته تعالى إن اتجهت إرادته العالية إلى إهلاك المسيح وأمه، وفي الجملة السامية إشارات بيانية:

منها - في قوله: (فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا) لأن (يملك) معناه يتضمن معنى يمنع، أي من يمنع من قدرة الله وأمره شيئا، وتنكير كلمة " شَيْئًا " للتصغير، أي قدرا ولو كان ضئيلا.

ومنها - أن التعبير بـ " يملك " يستفاد منها أن قدرة الله تعالى قدرة من يملك، وليست قدرة مستعارة أو مأخوذة من غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>